يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المملكة العربية السعودية في ظل ترقب سياسي لما ستؤول اليه من نتائج بين البلدين على خلفية مواضيع سياسية رسمت حدوداً لتعاطي الرياض مع لبنان في مرحلة ما قبل إنتخاب عون رئيساً. فزيارة عون على رأس وفد الى السعودية هي في حد ذاتها محور ترقب نظراً لكونه رئيس البلاد وكحليف لمحور الممانعة يفتتح جولاته الخارجية بتلبية دعوة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الذي تعاطى ببراغماتية مع ملف الإستحقاق الرئاسي بعد مرحلة فراغ طويلة إنتهت بإستعراض واف لرئيس الحكومة سعد الحريري عرضه على القيادة السعودية بضرورة الخروج منه بإنتخاب عون الذي سيكون صديقاً للسعودية في موازاة تحالفاته التي تمتد على خط الضاحية الجنوبية - دمشق - طهران.
وفي خطوة لافتة ومعبرة تستقبل القيادة السعودية مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان على رأس وفد من العلماء قبل إستضافتها الرئيس اللبناني في رسالة طمأنة للطائفة السنية بأنها لا تزال حاضنة لها ولا تأتي زيارة عون إليها على حساب موقع هذه الطائفة في الفلك السعودي، وذلك بهدف إستيعاب مشاعر «أبناء السنة» الذين وجدوا في وصول عون الى قصر بعبدا نوعاً من عدم مراعاتهم، وإنكساراً متكرراً لحلفاء السعودية.في لبنان وخارجه.
ويكمن الترقب لنتائج زيارة رئيس الجمهورية الى المملكة، نظرا لوجود مواضيع ستطرح من الجانبين حسب المصادر السياسية المطلعة كالاتي:
اولاً، ستشدد الرياض على ضرورة بقاء لبنان منسجماً ومتناغماً مع توجيهات وقرارات جامعة الدول العربية، التي تشكل غطاءً حامياً له نظراً لوجهه العربي.
ثانياً، ستتوقف المملكة العربية السعودية أمام قتال حزب الله في سوريا، وموقف رئيس الجمهورية منه، بحيث المطلوب أن تكون ثمة مسافة فاصلة بين الشرعية اللبنانية بكافة مؤسساتها وبين هذا الدور لحزب الله الذي يتعارض مع منطق الكيانات والدول، عدا انه يحمل مضاعفات سلبية على النسيج المذهبي لأبناء الإقليم العربي ولبنان بنوع خاص.
ثالثاً، سيفاتح المسؤولون السعوديون الرئيس عون بأن العلاقة السعودية اللبنانية هي مسؤولية متبادلة، لذلك ان الحملات الإعلامية والسياسية التي تطال المملكة ورموزها، ستبقي هذا النوع من العلاقة معلقاً بين البلدين، بحيث ان حملة حزب الله الدائمةعلى السعودية وقياداتها وربطها بالإرهابيين موضوع غير مقبول ويجب على رئيس الجمهورية أن يعمل على معالجته مع حليفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أصدر مواقف عدة تنم عن تدخله في الشأن السعودي، وقراراته القضائية والأمنية.
ويحمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حسب المصادر المطلعة ملفات للنقاش بينها:
اولاً، مصير الهبة السعودية التي صرفت لدعم الجيش اللبناني، والتي اقتطع منها حسب المعلومات عدة مئات الملايين من الدولارات لصالح شراء الرياض أسلحة من فرنسا لاستعمالها في حرب اليمن، إذ ان قيمة الهبة لم تعد كما كانت سابقاً، لكنها تبقى مرهونة حسب الأوساط لمدى التفاهم الأساسي الذي ستتوصل اليه القيادة السعودية مع عون لدى زيارته لها.
ثانياً، تفعيل العلاقات الإقتصادية والسياحية بين البلدين نظراً لما يشكل القرار السعودي في هذا الحقل من فتح لباب واسع لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي للتوجه نحو لبنان لأكثر من غاية إقتصادية وسياحية.
ثالثاً، يحمل العماد عون طلباً الى القيادة السعودية بتفهم الواقع اللبناني على أكثر من صعيد وضرورة التعاطي مع الدولة اللبنانية على أنها غير قادرة على الإنضواء في محاور إقليمية وتحمل حرب الآخرين، وأنه على الرياض العمل من أجل المساعدة للحد من تنامي التطرف الإسلامي نظراً لدورها المعنوي.
في موازاة ذلك لا تربط اوساط في محور الممانعة بين زيارة عون الى السعودية ووصول رئيس لجنة الامن القومي في مجلس الشورى الاسلامي الايراني الدكتور علاء الدين بروجردي الى لبنان عشية إنتقال الوفد اللبناني الى الرياض، إذ ان المسؤول الإيراني يجول بإستمرار على المنطقة، حيث اتى الى لبنان بعد زيارته سوريا.
وإذ تفصل الأوساط بين زيارة البروجردي وسفر عون الى السعودية، تقول ان عدم نجاح لقاءات عون وفق الصيغة التي يريدها هو أمر من شأنه أن يضعه في موقف متحرر من أي تفاعل سياسي او ما شابه مع السعودية تجاه حلفائه على الساحة اللبنانية، لكونه بادر وكانت زيارته الرسمية الأولى الى الخارج في إتجاهها، فإذا كانت خلاصتها ليست على قدر آماله وحساباته، عندها سيستحصل عون لذاته على هامش واسع في المستقبل يمكنه من اتخاذ مواقف او مدّ جسور إقليمية وفق ما يجده مناسباً مقارنةً مع محصلة جولة السعودية.