بات قانون العفو العام مادة دسمة لبعض الطامحين الى التربع على مقاعد مجلس النواب ولمن لم يحالفه الحظ بأن يكون ضمن صانعي القرار في عهد الرئيس العماد ميشال عون كما انه الطعم الذي يصطاد به من باتوا رهائن الوعود بالخروج من السجون اللبنانية لاستنهاض شعبية باتت مشردة تبحث عن مأوى.
مصادر حقوقية تؤكد على ضرورة سحب الملف من البازارات السياسية عبر اثارة النعرات الطائفية لا سيما حين يروج ان جميع المحكومين والموقوفين او الذين يحاكمون غيابياً ينتمون الى طائفة معينة وفي حال لم يشملهم العفو سيعتبر الامر استهدافاً للطائفة.
ويشدد المصدر على ضرورة الكف عن تعمية الرأي العام، فالارهاب لا دين له ويجب عدم تطييفه فالداعين لمحاربة الارهاب هم من الطائفة نفسها كونها تشكل خطراً على العيش المشترك الذي ينادون به وسط متغيرات طرأت على سياسة الدول التي كان البعض منها جسر عبور لا بل موطئ قدم «للمضافات» التي ينطلق منها من تم التغرير بهم للانضمام الى اترابهم في سوريا بهدف نصرة الطائفة.
الدولة التركية التي تبدلت عقارب بوصلتها السياسية وفق المصدر والتي كانت تشكل ملاذاً للطامحين بالدخول الى الاراضي السورية بدأت تضع قيوداً على تحركاتهم وهي التي تهتز اسبوعياً على وقع العمليات الارهابية وما حادثة قتل السفير الروسي على اراضيها وعلى يد عنصر امني تركي الا دليلاً ساطعاً على الثمار التي زرعت الحكومة التركية بذورها يوم بدء الاحداث السورية.
وبالعودة الى قانون العفو العام الذي يتم التداول فيه عبر الحلقات الضيقة وعلى مسامع من يمكن ان يطاله يلفت المصدر الى ان هذا النوع من القوانين هو من اختصاص السلطة التشريعية (مجلس النواب اللبناني) التي تصدره لازالة الصفة الجرمية عن فعل هو في ذاته جريمة يعاقب عليها القانون (وفق المادة 150 عقوبات) فيصبح الفعل كأنه لم يجرم اصلاً.
هذا العفو الذي يصدره مجلس النواب قد يشمل بعض الجرائم كلياً يضيف المصدر، ويخفض عقوبة البعض الآخر الى النصف او الربع مثلاً فتبقى الجريمة قائمة وينفذ المحكوم الجزء المتبقي له من العقوبة كما انه لا يطبق الا على الجرائم التي يحددها القانون نفسه.
اما بالنسبة للعفو الخاص فهو الذي يتخذه رئيس الجمهورية بعد استطلاع رأي لجنة العفو لمصلحة من صدر بحقه حكماً بصورة مبرمة وهو يعفيه من تنفيذ العقوبة لكن حكم الادانة يظل قائماً.
ويشدد المصدر الى الصلاحية التي اعطيت لمجلس النواب كسلطة يحق لها ازالة الصفة الجرمية عن فئة محددة لهو امر يؤكد على مشاركة الشعب من خلال ممثليه وبذلك تكون له الارادة التي هي ذات طابع ومنشىء سياسي.
ويتابع المصدر الحقوقي توضيح اللغط الدائر حول هذا القانون الذي بات طبقاً يتسابق الجميع لمحاولة تقديمه لا سيما عندما يحاولون لفت النظر الى ما يقوم به الرئيس السوري بشار الاسد بحق المعارضين حيث يلفت الى ان الرئيس السوري يملك القدرة والصلاحية على اتخاذ قرارات العفو لانه يدخل ضمن قانون طوارئ الذي يجيز له اصدار القرارات المناسبة والتي تحمي الامن القومي لان هذا القانون لا يدخل في اطار قانون اصول المحاكمات الجزائية او قانون العقوبات.
ورداً على الذين يصدرون قوانينهم لمن له الاحقية في نيل العفو وتحديد الجرائم ونوعيتها واشكالها يقول المصدر الحقوقي: عليهم في البداية ايقاف حملة الاطباق على ما تبقى من ديموقراطية في هذا البلد الذي يتعرض لابشع انواع الاستهداف بهدف تقويض الدولة ونهوضها من حالة اللاقرار بعد عودة الروح الى شرايين مؤسساتها التي عاشت حالة موت سريري لما يقارب السنتين مع تغييب رأس الجمهورية.
ويتابع المصدر الى ان قوانين العفو العام التي صدرت منذ العام 1958 لحين انتهاء الحرب التي توجت بقانون عفو عام عن الجرائم المرتكبة على امتداد تلك الحرب منذ بدئها في 13/4/1975 حتى تاريخ 28/3/1991 وقد تركت المادة التاسعة من الباب مفتوحاً لامكانية العفو لمصلحة افراد محددين عن جرائم ارتكبت خلال تلك الحرب حيث منحت الحكومة سلطة استثنائية لمدة سنة من تاريخ بدء العمل بالقانون لاصدار عفو خاص له مفاعيل العفو العام على ان تكون وقعت قبل التاريخ الذي حدد في القانون الذي اصدره المجلس وبالفعل فقد صدرت عدة مراسيم في هذا الشأن بين العامين 1991 و2005 وهذا القانون تناول شريحة كبيرة من اللبنانيين على مختلف مشاربهم وطوائفهم ومذاهبهم وبالطبع استفاد منها بعض امراء الحرب الذين تخلوا عن القتال بالسلاح الى اطلاق رصاص الكلمات وتبدلت مواقع المتقاتلين واختلطت عدة مرات فمن كان عدو الامس اصبح حليف اليوم والعكس لحين بدأت الاحداث السورية التي استعرت مذهبياً وساد الارهاب التكفيري الذي انتشرت سمومه بين الشباب اللبناني الذي استهوى البعض منهم تذوقه بعضهم «هب» لنصرة الطائفة وآخرون بسبب الضيقة الاقتصادية والبؤس بعدما فرشت لهم ورود الحياة الرغيدة ولقاء «حور العين» في حال اختيار الاستشهاد.
وتطورت الامور مع شريحة لحدود تقويض الدولة وعناصرها انطلاقاً مما ورد، وسأل المصدر السياسيين تحديداً الذين يروجون لقانون العفو العام الذي اصبح يوازي خطورة المخدرات على انواعها، هل يتجرؤون على اعداد قانون عفو عام يمحو جرائم الذين تآمروا لتقويض الدولة وقتل شركائهم في الوطن وهو فعل يتعارض مع مبدأ العفو.
وهل يجوز العفو عن من اعلن ولاءه لتنظيم داعش الذي لا يعترف بالدول القائمة وهو يعمل على اقامة «امارة اسلامية» تعددت اماكن انطلاقتها وفق اعترافات العديد من الارهابيين.
وكيف لجروح اهالي ضباط وعناصر المؤسسة العسكرية ان تندمل ما لم تتم محاسبة من تعمد قتال حماة الوطن واهله وحدوده.
ويتابع المصدر كفى اعتبار الاحكام التي تصدر عن المحاكم المدنية او العسكرية واستهدافاً لطائفة معينة فالجميع يحاكم وفق الاصول، ومن يعود بالذاكرة الى يوم العفو الذي خرج بموجبه المتهمين بالمشاركة في احداث الضنية الذي كان الشرط الاساس لاخراج قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الذي قبع في السجن على مدى 11 عاماً لاسباب يعرف الجميع منبعها السياسي.
لكن المصدر الحقوقي يؤكد ان قانون العفو العام الذي يتداول فيه على اعتبار ضرورة ان يطال ايضاً طائفة اخرى تجاوزت مذكرات التوقيف وبلاغات البحث والتحري بحق ابنائها الآلاف في قضايا تجارة المخدرات وترويجها، السرقات وعمليات الخطف التي تنتهي بفدية او باتصالات لاشخاص لديها نفوذ او احتجاجات تقطع اوصال القرى البقاعية.
هذا الامر وفق المصدر يجب ايضاً عدم التساهل به لانه خروج عن القانون والانتظام العام فلا يحق لاحد حجز حرية اي شخص بسبب غياب سلطة الدولة وهذا الامر ادى الى تراكم في عدد الجرائم على انواعها لذا من الواجب المحاسبة وهي تقع على عاتق قوى الامن الداخلي ووزارة الداخلية تحديداً فليس من الجائز تكليف الجيش اللبناني بتنفيذ هذه العمليات وهو الذي تقع على كاهله حماية الوطن وحدوده في ظل التغييرات التي انتجتها الاحداث السورية حيث تلاشت الحدود التي كانت قائمة ولم يعد هناك محرمات وضوابط.
وختم المصدر الحقوقي كلامه بالتأكيد على ان الحديث المتكرر عن قانون العفو العام وتحميله لرئيس الجمهورية هو فقط محاولة لتخريب الوفاق واستعماله "شوكة" لغرزها في خاصرة العهد ولا سيما ممن في يدهم القرار والظلم اللاحق بالسجناء ان كانوا من الموقوفين او المحكومين فهو من اهل البيت ويتجلى ذلك بداية من خلال التقاعص لناحية معالجة اوضاع السجون وتسريع المحاكمات لعدم وقوع الظلم على اشخاص تم الادعاء عليهم ويترقبون تحديد مصيرهم في ظل ظروف انسانية صعبة لناحية الاكتظاظ في السجون وعدم توفر العناية الطبية لهم.
وبالطبع الكلمة الاخيرة ستكون للشعب الذي سيختار ممثليه ويتحمل مسؤولية خياراته وبالتالي نطالب بكف التحريض على العصيان المدني على خلفية استهداف طوائف معينة فكل اناء ينضح بما فيه والطبيعة الانسانية التي تمتهن الاجرام والقتل والسرقة ليست مصنفة ضمن طائفة معينة فكفى كفى تطييف العقاب وعودوا الى الوطن.