زيارة الدولة كان ختامها مسكاً في دارة دولة نائب الرئيس عصام فارس...
مساء الثلاثاء تلألأت الأنوار في نوي سور سين، حيث دارة الرئيس فارس، التي وصل إليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوفد المرافق، بعد حفل الإستقبال الحاشد للجالية اللبنانية في فرنسا في مجمع Le Pré Catelan.
ترحيب حار واستقبال لا مثيل له وحفاوة بالغة معروفة لدى دولة نائب الرئيس فارس وعقيلته هالة اللذين يكنان كل مودة للرئيس ميشال عون، ولا حاجة إلى التذكير بأنَّ العلاقة بين عون وفارس تعود إلى أكثر من ثلث قرن إلى الوراء وهي قائمة على الإحترام المتبادل وعلى التقدير المتبادل، ولم تنقطع يوماً حتى مع تسلُّم فارس منصب نائب رئيس الحكومة في أكثر من حكومة.
وحين انتُخِب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، كان نائب الرئيس فارس من أول المهنئين في قصر بعبدا، وجاء خصيصاً من الخارج لهذه التهنئة.
كما اعتادت دارة عصام فارس أن تستقبل كل الرؤساء، كانت محطة الجميع الأخيرة في دارته، هذه الدارة الوطنية التي كانت لصاحبها الأيادي البيضاء على مستوى الإنجازات، خصوصاً أنَّه قدم الكثير للبنان، ومن باب الوفاء له أن يكون كل الوفد اللبناني مجموعاً تحت سقف هذه الدارة العامرة، دارة دولة نائب الرئيس عصام فارس.
***
زيارة الدولة كانت ناجحة وإنْ أظهرت بعض التباينات في وجهات النظر بين الموقف اللبناني والموقف الفرنسي من مسألة النازحين السوريين إلى لبنان، حيث أنَّ الجانب اللبناني يريد عودتهم الآن بعدما أصبحت 85 في المئة من الأراضي السورية آمنة. لكن ما يراه الجانب اللبناني مناطق آمنة، يراه الجانب الفرنسي تحت سيطرة النظام السوري، وهي غير آمنة بالنسبة إلى النازحين الذين يُعتبر جزء لا بأس به منهم من المعارضة.
هكذا، فإنَّ الخلاف هو على مقاربة الأمور، فالإختلاف واضح بين نظرتي الرئيسين إلى اللجوء السوري في لبنان:
الرئيس اللبناني يرى أنَّ معظم أماكن سوريا أصبحت آمنة الآن، بعد أن استعاد بشار الأسد معظم المدن فيها، وأنه ينبغي إعادة اللاجئين السوريين إليها، في حين أنَّ الرئيس الفرنسي يعتبر أنَّ عودتهم مرتبطة بحل سلمي لسوريا، تحاول فرنسا بذل الجهود لتحريكه.
الرئيس عون يتخوّف من أنَّ الأوروبيين والعالم يسعون إلى توطين اللاجئين السوريين في لبنان. وهو خوف شرعي، كما أنَّه يخشى من أنَّ إنشاء المدارس للنازحين وإعطاء المساعدات لهم قد يحول الأمر إلى توطين.
في المقابل، هناك خطر آخر، فإذا ما تُرك النازحون من دون سكن ومدارس وطبابة فإنَّهم قد يتحوّلون إلى قنابل موقوتة، وهناك مثال على هذا الأمر في لبنان بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين، الذين يقبعون في المخيمات خشية من توطينهم.
هكذا يكون لبنان عالقاً بين مطرقة الخوف من التوطين وسندان الحياة الصعبة للنازحين، فكيف يكون المخرج؟
***
في الوقت الراهن ليس هناك من مخرج، فالحكم والحكومة هذه الأيام في تحدٍّ داهم هو سلسلة الرتب والرواتب، ولا شيء يتقدَّم على هذا الإستحقاق لأنه يطال اللبنانيين كافة من دون استثناء:
في يومياتهم، وفي لقمة عيشهم، وفي مدارس أبنائهم وجامعاتهم، فهل بإمكان السلطة أن تحمل كل هذه الملفات دفعة واحدة؟