اعتاد اللبنانيون على صراع "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" سياسيا في مراكز القرار والكترونيا في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن ما لم يكن متوقعا هو ان تستفز المواقف "البرتقالية" جمهور حزب الله، فيكون الردّ قاسيا على وسائل التواصل. والوسم هو: تيار التطبيع.
فجّرت مقدمة اخبار أحدى القنوات اللبنانية منذ يومين قنبلة في وجه جمهور حزب الله عندما جاءت تعليقا على الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي دعا فيه لمقاطعة فيلم "the post" للمخرج ستيفن سبيلبيرغ بسبب وجوده على القائمة السوداء للشخصيات الداعمة لاسرائيل، ومما جاء في المقدمة: "جريمة ثقافية في حق الحرية تعيد بشكل او بآخر تجسيد نظرية قمع الرأي الاخر بذريعة مواجهة العدو، وهو منطق لم يفضِ في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي الا الى هزيمة تلو هزيمة".
لم يمر هذا الكلام مرور الكرام على جمهور الحزب الذي أطلق العنان لأبرز مغرّديه للرد، فقال محمد صفا نجل القيادي في حزب الله وفيق صفا: "هناك اشياء يتم التغاضي عنها على الرغم من شناعتها... الا ان هناك اشياء لا يمكن ان تمر مرور الكرام وبدون محاسبة، ما ورد في هذا الموقف هو خيانة للمقاومة ودماء الشهداء وللقضية الفلسطينية وللعروبة". ومن جهتها عبرت الناشطة سحر غدار عن موقفها الرافض لموقف المحطة فقالت: "عزيزي الكريم، الرئيس القوي (الممثل لشريحة سياسية واضحة) واجبه تجاهنا أن يقدم تصريحاً واضحاً بموضوع التيار الوطني الحر "رئيساً وتلفزيونا، وجماهير، رئيسنا القوي، قوي بقاومة بلده القوية ومعادلتنا الذهبية جيش شعب مقاومة، وغير هذا الكلام لا نملك، "خلصنا تبييض". لولا اصرار حزب الله اكثر من سنتين على اسم الجنرال عون ما كان هو رئيساً اليوم.. فجأة نسي "ولاد التيار كل شيء وبدأوا يتعرّضون للسيد".
في غضون ساعات قليلة وصل الوسم الى مرتبة الوسوم الأكثر تداولا في لبنان، ومن أبرز المواقف التي وردت أيضا كانت ما كتبه باقر كركي: " قيمتنا عندكم فيلم؟ أين كنتم ستشاهدون هذا الفيديو لولا الدم الذي دفع ثمناً لحريتكم؟ فهمتم الصراع العربي الاسرائيلي فجأة؟! لا يحزننا هذا الشيء، لكن تظنون أنكم تفهمون لدرجة تنظرون علينا؟ "ولو يا قلبي"؟ نحن الصراع العربي الإسرائيلي وقبلنا كان الصراع منته". وسأل صادق شحادة: "في محطتهم ينظّرون على حزب الله بالصراع العربي الاسرائيلي. مقدّمة اخبار تحمل في طياتها دفاعا عن التطبيع المبطن. هل بات فيلم قضية تستحق توجيه رسائل في مقدمة نشرة اخبار. هل يقف خلف الرسالة قيادة التيار. اين التيّار اليوم"؟. وقال حمزة خنسا: " بخصوص مقدمة الاخبار المقاومة هي الوحيدة في لبنان التي لا يمكن نسب أي هزيمة لها منذ أن أسّسها السيد موسى الصدر وقادها السيد حسن نصرالله، التهييج الانتخابي لا يبرّر تزوير التاريخ ولا تحويل التطبيع مع العدو إلى وجهة نظر... لا نطلب منكم أكثر من موقف أخلاقي"!.
أمام هذه المواقف قام مناصرو التيار الوطني الحر بالرد على طريقتهم أيضا فكتب جوي جرجس: "خلال حرب تموز حلّق الطيران الإسرائيلي فوق بيته في الرابية، خلال مقابلته مع جورج صليبي، لتهديده بالقتل... فكان جوابه في المقابلة المقاومة ستنتصر"! اذا هو من تتهمون حزبه اليوم بالتطبيع! "بلا أصل" كل من شارك بهذا التوصيف". ولعل موقف الناشط جان عاصي كان أقسى عندما اتّهم أشخاصا من حركة أمل بتحريك القضية وإشعال الخلاف بين حزب الله والتيار الوطني الحر، كما لم يسلم جمهور الحزب من هجومه فقال: "كيف تعرف انك غنمة؟ تشارك بحملة تحريضيّة كردّة فعل على كلام صدر قبل 24 ساعة، دون أن يعلّق عليه الا عندما قامت مجموعة معروفة خلفياتها السياسية لتثير الموضوع بطريقة مشبوهة". وكتب شربل جميّل: "بيحترق سلّافك بتنشحط من شغلك بالخليج، الأميركيّون بيمنعوا عنّك الڤيزا مدى الحياة، بتحارب الكوكب ونص بلادك معن بالـ2006 بالآخر بمشّولك هاشتاغ تيار التطبيع وبيتّهموك بالعمالة لإسرائيل يلعن أبو الهبلني ع أبو الإنتخابات ع أبو البيضحك عليكن. بكلمة، هيك ناس بدّن هيك زعامات. بَطُل العجب"!.
تتسارع الاحداث الداخلية على مشارف انتخابات نيابية يبدو أن ما بعدها لن يكون كما قبلها، خصوصا وأن بعض التيارات السياسيّة ترى في "تهييج" شارعها شرطا أساسيًّا لمشاركته في عملية الاقتراع.