اشار المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم إلى ان "الواقع القائم يستدعي تبصرا في مآل الاحوال التي سينتهي اليها البلد عموما، من دون ان تستثنى اي جماعة او فئة. ذلك ان الخراب سيكون عميما لكون الاندفاع نحو الهجرة من جانب هذا الكمّ وهذا النوع، يعني على وجه من الوجوه اننا نفقد المستقبل. في المبدأ، لا مشكلة مع الاغتراب، حتى انه مفضل متى كان بهدف التحصيل العلمي او المعيشي، لكن ويا للاسف تحولت الهجرة الى انقطاع"، لافتا الى ان "المطلوب الان وقف هذا النزف، لان البلد لا يمكنه ان يستمر في ظل الظروف السائدة. ليس لعاقل ان يقبل بالعيش في ظل قوانين تعود الى ما يزيد عن قرن مضى، وصدرت في ظروف واوضاع مغايرة تماما مع ما صار العالم عليه اليوم. ولا ان يقبل بالعيش وهو مهجوس بكيفية توفير ما هو يفترض ان يكون بديهيا، وعلى كل المستويات الحياتية. فأي كيان يمكنه ادعاء صفة الدولة، بينما مواطنوه تتراجع مناعتهم بازاء الفساد، ويخافون من ان يتحول اي نقاش الى تصلب واستنفار في مواجهة الاستقرار؟".
وشدد ابراهيم في افتتاحية مجلة الأمن العام على ان المديرية العامة للامن العام "يتعادل فيها الامني مع الاداري، وان سعيها سينصب خلال العام الحالي على تطوير القدرات البشرية والموارد الادارية، بما يرضي طموحات اللبنانيين. كذلك كي يعطي الزائرين والمقيمين صورة حقيقية عن لبنان الذي تجاوز ازمات، بعضها كان خطيرا جدا، خصوصا وان الزخم السياسي على تنوع قواه متفق على تعويض ما فاتنا، واصلاح الاختلالات التي قد تؤثر على الدولة ككيان، وعلى المواطنين سواء بسواء. فالخدمة التي تؤمنها الادارة، بوصفها العلم الذي يرتكز على ايجاد الطرق المثلى واستخدامها لتسخير الموارد البشرية والمادية لتحقيق ما يحتاج اليه المواطن، ليست منّة من احد، بل مسؤولية ينبغي القيام بها على اكمل وجه"، مضيفا:"اذا كان الجميع، سلطة ومعارضة، متفقين على توصيف التردي الاداري العام. فان الكلام عن الاصلاح الاداري لم يعد يكفي، ذلك ان لغة العالم الحديث تطورت الى مسألة التنمية الادارية المستدامة، بما يضمن اعادة هيكلة جميع العناصر المكوّنة للادارة العامة في اطار رؤية جديدة، لا تراعي مقتضيات التحديث فحسب، انما تتواءم معها. صار صعبا جدا تحقيق اي تنمية او اي تطور علمي وجدي مع وجود نقيضين ينهشان الجسد الاداري: فائض في الكادر في امكنة متعددة، في مقابل نقص فاضح في اخرى. في لبنان قدرات بشرية مميزة في مستوياتها العلمية، ما يجعل امر الترقي سهلا متى توافر القرار السياسي، والامكانات التي ينبغي تأمينها بشتى السبل الممكنة، سواء عبر برامج الدعم الدولية، او عبر اعتماد الانفاق الاجدى".