لجنة التحقيق البرلمانية بالأموال المهدورة في قطاع الإتّصالات بدأت بإقتراح من النائب اللواء جميل السيد، وسرعان ما تحولت الى أمر واقع لن يتأخر كثيراً كي يصبح حقيقة، حتى لو أن فريقاً سياسياً بارزاً كتيار "المستقبل" يعترض عليها كونه يرى نفسه مستهدفاً. كان يكفي أن يوقّع النائب السيّد وحده على إقتراح القانون كي يسلك الأخير طريقه القانونيّة، لكن رئيس لجنة الإتصالات النائب حسين الحاج حسن أراد أن يؤمّن له أكبر تغطية سياسية لذلك طلب من الكتل النيابية التوقيع عليه.
طلب الحاج حسن سرعان ما لبّاه نواب من "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" و"تيار العزم" وبعض المستقلين، بينما إمتنع عن التوقيع نواب تيار "المستقبل" ومعهم نواب "الحزب التقدمي الإشتراكي". مروحة الدعم السياسي هذه لإقتراح القانون المذكور ستؤمن الأصوات المطلوبة (أكثرية الحضور) لتشكيل اللجنة داخل أول جلسة للهيئة العامة، "لذلك يصبح خيار المواجهة أمام التيار الأزرق محصوراً ببعض النقاط" يقول مصدر نيابي متابع، ومن أبرزها:
أولاً –الخط الأحمر الذي سيخوض نواب "المستقبل" المعركة الأشرس لأجله، هو منع اللواء السيد من ترؤّس لجنة التحقيق البرلمانيّة، كي لا يتحول عملها الى تصفية حسابات سياسية من العيار الثقيل بينه وبين وزير الإتصالات الحالي محمد شقير والسابق جمال الجراح.
ثانياً–سيحاول "تيار المستقبل" أيضاً أن يدفع بإتجاه إنتخاب رئيس للجنة من خارج تركيبة نواب كتلة "الوفاء للمقاومة"، لا سيما رئيس لجنة الإتصالات حسين الحاج حسن أو النائب حسن فضل الله لأن الإثنين سبق أن تابعا ملف هدر المليارات في الإتصالات بكل تفاصيله ومناقصاته وملياراته.
ثالثاً–السيناريو المفضّل بالنسبة الى "تيار المستقبل" والذي من الممكن أن يسعى الى تحقيقه، يتمثل بترؤّس لجنة التحقيق إما نائب من "حركة أمل"، وإما نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، المعروف بقربه من رئيس المجلس نبيه بري، والمنتمي الى كتلة "لبنان القوي" التي يرأسها وزير الخارجيّة جبران باسيل. حتى لو أن بري وباسيل لن يتدخلا بعمل اللجنة، يقول المصدر النيابي المتابع، يريح ترؤس الفرزلي للجنة التيار الأزرق ورئيسه سعد الحريري أكثر بكثير من أن يترأسها نائب من "حزب الله" أو اللواء السيد أو أي نائب سني معارض كالنائب جهاد الصمد الممسك أيضاً بملف الإتصالات.
رابعاً–من الأمور التي قد يتم التركيز عليها لتطيير لجنة التحقيق البرلمانية هو إغراق الأمانة العامة لمجلس النواب بإقتراحات قوانين تطالب بتشكيل لجان تحقيق برلمانيّة أخرى في قطاعات كالكهرباء والجمارك والمعابر غير الشرعيّة واللجنة الموقتة المكلّفة إدارة المرفأ، عندها قد يرفض أفرقاء آخرون لجان التحقيق وبالمقايضة السياسية يتم تمييع كل اللجان دفعة واحدة مسايرة لكل الأفرقاء.
هي عينة عن الخيارات التي يمكن أن يعتمدها "تيار المستقبل" لمواجهة لجنة التحقيق البرلمانية. مواجهة سيكون لها جميل السيد وجهاد الصمد بالمرصاد بدعم من نواب "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وبري لن يكون بعيداً عنهم. مشهد المواجهة لن يتأخّر وملعبه مجلس النواب أما الموعد المتوقع، ففي تشرين الأول المقبل.