يوم استقالت حكومة حسان دياب، كانت التوقعات والمعطيات السياسية تشير الى أن الحكومة التالية ستولد بسرعة، والسبب كان واضحا، وهو البناء على مفاعيل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى لبنان، وما حملته معها من إشارات تدلّ على أن قطار التسوية السياسية، ولو الموقتة، في لبنان، قد انطلق. اليوم تغيّر المشهد، ولم تتم الدعوة لاستشارات نيابية بعد.
كان يُفترض أن تتم الاستشارات الملزمة لتكليف شخصية تشكّل الحكومة، اليوم، ولكنها لم تحصل بعد تبدّل المعطيات الإيجابية الى سلبية، وهذا التحوّل حصل بعد زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية دايفيد هيل الى لبنان، حيث أعلن بوضوح أن المرحلة الحالية ليست مرحلة التسوية، ومجددا المطالبة بحكومة حيادية.
وفي هذا السياق تشير مصادر سياسية مطّلعة الى أن هيل أكد موقف الإدارة الأميركية الرافض لمشاركة حزب الله بالحكومة، فأسماها حكومة حيادية، مع العلم أن الحيادية بالنسبة له هي عدم مشاركة الحزب فقط، مشددة على أن هذا الموقف الذي أُبلغ الى عين التينة خلال اللقاء بين هيل ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، قدّم إشارات واضحة بشأن الخلاف الأميركي–الفرنسي بما يخص لبنان.
وتضيف المصادر عبر "النشرة": "لا يزال يعتقد الأميركي أن بإمكانه تحصيل مكاسب في بيروت، لعل أبرزها في ملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، لذلك لا يجد الأميركي سببا مفيدا لتحقيق التسوية اليوم، قبل زيارة مساعد وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شينكر الى لبنان خلال الأسبوعين المقبلين"، مشددة على أن الزيارة بحال حقّقت النتائج الإيجابية المنتظرة منها فإننا قد نرى تطورا في الملف اللبناني، وقد لا نحتاج لأن ننتظر طويلا، كاشفة أن الاميركي ينظر بعين الحذر أيضا لما يحصل على حدود مرفأ بيروت، فهو ينتظر ما ستؤول إليه الأمور، وأي حلف دولي سينجح بفرض نفسه، خصوصا أن حصّته محفوظة لدى جميع الأطراف المتنافسة.
لا ترى المصادر حكومة قريبة اذا لم تحصل مفاجأة ما، مشيرة الى أن الاولوية ستكون لاستمرار حكومة تصريف الأعمال، خصوصا أن الاكثرية النيابية لن تتوجه الى خيار مشابه لخيار دياب، لأن النتيجة ستكون نفسها، لذلك فهي متمسكة بحكومة جامعة، يكون سعد الحريري رئيسها، أو من يسمّيه، أو إحدى الشخصيات التي تحظى بتوافق داخلي ودعم خارجي.
وتضيف: "الخيارات ليست كثيرة اليوم، فإما حكومة سياسية برئاسة الحريري، وإما حكومة "اقتصادية" تحظى بغطاء دولي كامل، وكل ما عدا ذلك سيعني أن لا حكومة قريبا"، مشيرة الى أن مطلب الانتخابات النيابية المبكرة الذي بات يتكرر على لسان جهات محلية وخارجية، لن يكون سهل التحقيق، بحال أصر المطالبون بها على القانون الحالي، لأن ذلك يكشف رغبتهم بتحقيق تغيير سياسي، بغض النظر عن الهدف الأساسي من الانتخابات المبكرة والمتمثّل بتوجّه لبنان نحو الدولة المدنية.
إذا، لم تكن زيارة الموفد الأميركي داعمة للمسعى الفرنسي، كذلك لم تحمل الزيارة الإيرانية الى لبنان أي جديد، فوزير الخارجية الإيراني زار لبنان لاستطلاع مواقف الأطراف الدولية، وتوجيه رسالة بأنه لا يمكن أن يكون خارج التسوية، ما يعني أن صيف لبنان الحار سيستمر، فهل يكون الفرج مع بداية فصل جديد على صعيد الرئاسة الأميركية؟.