لم تكن جلسة مجلس الوزراء الاخيرة بجلسة عاديّة بل احتوت على "قنبلة موقوتة" كادت أن تفجّر الحكومة، بعد أن طلب وزير الثقافة محمد وسام مرتضى باسم "حزب الله" وحركة "أمل" اتخاذ قرار يصدر عن الحكومة، يقضي بتنحية أو استبدال القاضي طارق البيطار والا اللجوء الى الشارع، فكان ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون واضحاً بأن هناك فصل للسلطات، وهذا الملف لا يعالج على طاولة مجلس الوزراء بل بالأطر القضائيّة.
يوم الخميس الماضي كانت منطقة العدليّة على موعد مع تحرك للثنائي الشيعي إنّما تحوّلت الأنظار الى الطيّونة التي أصبحت ساحة حرب بين "القوات" و"الثنائي"، أعادت بالذاكرة أهالي عين الرمانة والشياح الى حرب 1975، ولولا العناية الالهية لكانت فعلا تلك الاشتباكات ادت الى حربٍ دفع الجميع ثمنها!.
الاطر القانونية
بالشكل يشرح رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي غالب غانم لـ"النشرة" أن "المحقّق العدلي عُيّن بقرار من وزير العدل وبموافقة مجلس القضاء الأعلى وليس في مجلس الوزراء، وبالتالي لإزاحته أو تعيين محقق عدلي بديل يجب إتّباع نفس الطريقة وفقط من عيّنوا المحقق العدلي يمكنهم النظر بقرار إزاحته"، لافتا الى أن "على وزير العدل أن يقترح وعلى مجلس القضاء الأعلى أن يوافق ويتخذ القرار". بدوره الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين يشير الى أن "يُمكن للوزراء (السابقين) المُدّعى عليهم يوسف فينانوس، علي حسن خليل، غازي زعيتر ونهاد المشنوق، اتباع نفس المسار الذي حصل لازاحة القاضي فادي صوّان عبر محكمة التمييز الجزائيّة من خلال طلب نقل الدعوى للارتياب المشروع".
يلفت يمّين الى أن "بعض المدّعى عليهم تقدموا بطلب نقل الدعوى ولكن هذا الأمر لا يؤدي الى كفّ يدّ القاضي البيطار، وبالتالي سيستمرّ بعمله وهم لديهم خشية من "التوقيف" في هذه الفترة، أي أن تستكمل التحقيقات وينجح المحقق العدلي في ملاحقتهم قبل أن تبتّ محكمة التمييز الجزائيّة بطلب نقل الدعوى".
دور مجلس النواب
اليوم في 19 تشرين الاول يفتتح مجلس النواب العقد الثاني الذي يبتدئ الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من تشرين الأول وتستمر مدّة هذا العقد حتى نهاية العام... هنا السؤال الأهمّ اذا تم الادعاء على النائب خارج دورة الانعقاد النيابية هل القضاء بحاجة الى اذن مجلس النواب من أجل متابعة الملاحقة؟.
لا يرى الدكتور في القانون العام عقل عقل جدّية في عمل المجلس النيابي في ملفّ رفع الحصانات، فهو لم يأخذ المبادرة ويكمل بالعريضة التي تطالب بملاحقة النواب الثلاثة المطلوبين للتحقيق في قضية المرفأ أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهي هيئة خاصة مؤلّفة من نوّاب وقضاة يعيّنهم مجلس النواب، وليس أمام القضاء العدلي، لافتا الى أنه "بعدها لجأ مجلس النواب الى تشكيل لجنة تحقيق برلمانيّة لمحاكمة الوزراء السابقين، (نوّاب حاليين)، الذين طلبَ المحقّق العدلي طارق البيطار رفع الحصانة النّيابية عنهم وكان على رئيس مجلس النواب نبيه بري اكمال الاتّهام وتحديد جلسات لكن هذا كلّه لم يحصل"، معتبرا أن "الأصول القانونيّة غير موجودة، ولو أراد البرلمان لاستطاع السير بها والادعاء ورفع الحصانات".
لا حاجة لاذن
"الواضح أن هناك عملية تمييع من قبل مجلس النواب للملفّ". هذا ما يؤكده الدكتور عقل عقل، لافتا في نفس الوقت الى أنّ "المحقق العدلي لا يحتاج الى إذن البرلمان لمتابعة الملاحقة". في نفس الوقت يشير الدكتور عادل يمين الى أنه "طالما الإدّعاء بحق النائب حصل خارج دورة الإنعقاد النّيابية، فالقضاء ليس بحاجة لإذن متابعة ملاحقة النائب حتى لو دخل البرلمان بدورته".
في المحصّلة، يجب انتظار موقف المحقّق العدلي، فهل سيعتبر أن انطلاق دورة الانعقاد النيابية يلزمه بطلب إذن البرلمان لمتابعة الملاحقة، أم سيعتبر أنه ما دام وسبق المباشرة بالملاحقة الجزائيّة وادّعى عليهم فلم يعد بحاجة لطلب الإذن للملاحقة حتى لو دخل مجلس النواب في دورته؟!.