درجت العادة ان نحتفل بعيد الاستقلال في التاريخ المحدد من كل عام، وتترافق مع هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوب اللبنانيين جميعا، وخصوصا في بلاد الاغتراب، كلمات واحتفالات تجسّد معاني الاستقلال وتعبّر عنها بفرح وزهوّ.
اما وقد أُسدِلت الستارة على فصل مهم من فصول اعيادنا الوطنية، اعني ذكرى استقلال وطننا لبنان، ارتأيت ان تكون مجلة "الامن العام" المنبر الاعلامي لاوجّه من خلاله الى عسكريي المديرية العامة للامن العام التوجيهات التي تليق بالمناسبة بعنوان: كيف السبيل الى المحافظة على الاستقلال كي نساهم في تنوير الطريق امامهم لممارسة حقيقية لمعاني الاستقلال وديمومته، في اثناء اضطلاعنا جميعا بالمهمات الملقاة على عاتقنا.
ايها العسكريون،
نحتفل كل عام بعيد الاستقلال، ونتذكّر من خلاله التضحيات الجسام التي قدّمها اجدادنا وآباؤنا الابطال لنيل الحرية واستعادة الارادة والسيادة والعيش بكرامة في وطن عزيز وغال.
يشكل الاحتفال بالذكرى المجيدة حافزا لكل منا كي نجلس معا، ونستخلص الدروس من اجل ان نعيش مع ابنائنا الحاضر الذي يليق، ونرسم لاحفادنا المستقبل المشرق.
يستلزم استخلاص الدروس استكمال الاهداف الحقيقية لاولئك الذين ارسوا لبنتها. ضحّوا بالغالي والنفيس كي يحققوها وينتزعوا بالوحدة والقوة والايمان ما كانوا يحلمون به ويطمحون اليه.
ايها العسكريون ،
حتى نتغنى بالاستقلال ونعيش معانيه يوما بعد يوم، علينا بلوغ خياراتنا واهدافنا في آن معا. بهما نستكمل بناء مثلث الوطن والدولة والمواطن، وان ندافع عن خيارتنا في:
ـ الولاء للوطن وحماية الدولة واحتضان المواطن.
ـ بناء دولة قادرة تحمي ابناءها، ويذودون عنها عندما يطل عليها الخطر.
ـ تكريس المفهوم الصحيح للمواطنة الحاضنة للهوية اللبنانية.
ـ ارساء ادارة متينة البنيان وصلبة ترسي العلاقة الوطيدة بين المواطن والسلطات الوطنية في سبيل خير الاثنين. انها العلاقة الحتمية بين الحقوق والواجبات.
ـ الحفاظ على الحرمات وضمان الحقوق.
ـ بناء دولة القانون والاحتكام اليه في كل حين.
ـ العدالة الاجتماعية.
ـ ضمان الامن والامان.
ـ خلق مجتمع متكافل ومتضامن تتوافر فيه شروط العدل وقيم المساواة.
ـ الحق في التفكير وحرية التعبير والمعتقد.
ـ مكافحة الارهاب والتصدي للعدو الاسرائيلي.
كذلك علينا ان ننصرف الى ايلاء اهدافنا الاولوية القصوى في:
ـ تسخير الوسائل كلها في سبل العيش بكرامة.
ـ تمكين انفسنا من اداء الواجب وادارة شؤوننا الخاصة.
ـ التحرر من الاتكال على الغير.
ـ رفع مستوى المعيشة.
ـ محاربة الفساد والمشاركة في الاصلاح.
ـ تأمين التعليم والطبابة.
ـ مواكبة التطور والنمو.
ـ اقامة حاجز لا ينكسر نفصل من خلاله انفسنا عن الاطماع الشخصية في سبيل المصلحة العامة.
اللائحة تطول وتطول. لكن العبرة ليست في سرد عناوين تشكل طريق عبور نحو بناء النفس، ومن خلالها بناء المؤسسات للولوج الى الدولة العادلة والقوية، بل الحكمة في ان نوسّع آفاق الواجبات المنوطة بنا، والتزامها وايجاد الحلول للحاضر والمستقبل لما فيه خير المجتمع كله. انتم جزء لا يتجزأ من هذا الحاضر تصنعون المستقبل.
ايها العسكريون،
لا ينتهي الحديث عن الاستقلال ومعانيه. بيد ان العبرة في بناء الشخصية الذاتية لكل منا تعكس المعنى الحقيقي للذكرى.
الاستقلال والمواطنة صنوان لا ينفصلان. لا ترجمة لهذه المعادلة من دون تحقيق مفاهيم متلازمة تختصر بالتقدم والنمو والتحديث ومعالجة المشكلات التي نعاني منها جميعنا. في المواطنة الصالحة يتساوى الجميع في اطار دولة القانون ايا تنوعت اطياف مجتمعنا وتعددت.
ايها العسكريون،
شاركنا جميعا باعتزاز وفخر في عيد الإستقلال، وكان لكم حضور مميز مع رفاقكم الابطال في الجيش والامن الداخلي وامن الدولة والمؤسسات المدنية الاخرى التي تعمل بتفان الى جانب القوى الامنية. لكن هذه المشاركة لا تنتهي ـ ويقتضي ان لا تنتهي ـ بانتهاء العرض العسكري وتبادل التهاني. بل هي روح حياة مستمرة ونمط تعاون استثنائي ينبغي ان تحافظوا عليهما، وتثابروا بوحيهما كي نحمي اغلى معاني الاستقلال: الوطن والدولة والمواطن.
يتطلّب منكم الجهد والارادة والايمان كي تؤكدوا امام مواطنيكم، والمقيمين على ارض الوطن، انكم تستحقون الاستقلال لانكم حافظتم على معانيه تلك وذدتم عنها:
ـ بالعمل اليومي على اسس ومعايير انسانية حية.
ـ عدم التفرقة بين مواطن وآخر.
ـ اشعار المواطنين بحقوقهم كما بواجباتهم.
كما استطاع اجدادنا وآباؤنا نيل الاستقلال بتضحياتهم الغالية، علينا استكمال ما بدأوه باعتماد السبل الآيلة الى انجاز الاستقلال الاجتماعي والاقتصادي والصحي والتربوي. نسعدهم ونريهم اننا عملنا بوحي ما ضحّوا من اجله، ونؤكد لهم ان الاستقلال يستحق المعركة التي خاضوها من اجلنا، واننا مستعدون لمواجهة التحديات والعمل بتوجيهات سلطاتنا الرسمية.
ايها العسكريون،
ما تقومون به للوطن والمواطن، في كل الميادين، اضاف صفحة بيضاء في سجل المديرية العامة للامن العام. لا يعفينا ذلك من ان نستمر في عملنا من اجل المشاركة والمساهمة في تأسيس نظام للنزاهة، يكفل حماية مجتمعنا ويصون مصالحه الفردية والجماعية باقتراح سلسلة مشاريع تحفظ الحقوق والواجبات وتنظّم العلاقة بين الوطن والمواطن والمسؤولين.
ايها العسكريون،
مَن يتحمّل منا عبء المسؤولية، عليه ان لا ينظر الى موقعه من منطلق ما يستفيد منه او يكسبه، او يوفر له سلطة يستأثر بها كي يتعاطى مع ابناء وطنه بكيدية وتعالٍ. بل بقدر ما نقدّمه للناس من امن وامان وخدمة وتفاعل واستجابة حاجاتهم. هي المسؤولية نتحمّلها بالتوافق والتعاون بين القطاع العام الذي نحن جزء منه والقطاع الخاص وما يمثّل من مجتمع مدني من اجل ان نؤسس معا مساحة مشتركة يكون المواطن فيها الاساس. نحصّنه بقيم العدل والحرية واعلاء فضائل الخير والنزاهة والاخلاص لوطننا. نتخذ من هذا العيد الوطني مناسبة دائمة كي نجدد اقتناعاتنا بما هو مشترك بين ابناء الوطن الواحد، نتشبث بالمحافظة عليه.