أكدت رئيسة دير مار يعقوب الأم أغنيس مريم الصليب أن ما يحصل في الموصل حالياً يعيد إلى الذاكرة الكثير من الأحداث التي حصلت في السابق، مثل الإبادات التي تعرض لها الأشوريون والسريان والأرمان، حيث باتوا تحت رحمة ميليشيات وجيوش تهددهم بالقتل والذبح.
وفي حين رأت، في حديث لـ"النشرة"، أن الكلام لم يعد كافياً، شدّدت على وجوب ألا نبقى مكتوفي الأيدي، ودعت إلى رفع دعوى أمام المحافل الدولية ضد كل من تجاوز القوانين، مؤكدة أن الهدف إعادة تقسيم المنطقة.
وأوضحت الأم أغنيس أن الخطر موجود وحقيقي ويطبق على أرض الواقع، موضحة أن لبنان مهدد من قبل القوى الظلامية التي أصبحت على حدوده، داعية المسيحين إلى التوحد ضمن إستراتيجية بقاء بعيداً عن التناقضات السياسية، وإلى إقامة جبهة إنسانية بعيدة عن الصراع الطائفي لمواجهة ما يحصل.
الهدف إعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط
وأوضحت الأم أغنيس أن المسيحيين في الموصل كانوا قد أصبحوا أقلية بعد موجة التهجير الأولى التي تعرضوا لها إبان الإحتلال العراقي، حيث حصلت في ذلك الوقت موجة إضطهاد مبطنة لدفعهم إلى ترك العراق، مؤكدة أن هناك ما يقارب 45% منهم تركوا بلادهم، واليوم نحن نشهد الموجة الثانية من التهجير تحت غطاء "القاعدة" أو "داعش".
ولفتت الأم أغنيس إلى أن من المفترض طرح الكثير من الأسئلة حول من هي "داعش" وكيف يجب تصنيف الإضطهاد الذي يتعرض له المسيحيون، مؤكدة أن "ما نراه على الأرض في عدة بلدان يوضح أن الهدف إعادة رسم الخريطة في الشرق الأوسط بحسب مراجع طائفية وعرقية، أي أنهم يعملون على تقسيم المنطقة من دون أن يكون للمسيحيين مكان فيها"، قائلة: "نحن نسأل المشرفين على هذا المشروع كيف نسوا المسيحيين أو لم يوجهوا الأمور بطريقة تحفظ وجودهم، لا سيما أنهم قوى عظمى".
ما يحصل جريمة ضد الإنسانية
وشددت الأم أغنيس على وجوب التحرّك وإثارة هذه القضية، لا سيما أننا نتطلع إلى مصير فئة من الشعب العراقي من إتجاهات كنسية عراقية جداً، وهم من المواطنين الأصلين في العراق الموجودين منذ 2000 سنة على هذا الأرض، مشيرة إلى أننا "نتطلع إلى حلقة التهجير الأخيرة، ونسأل القوى العظمى من الولايات المتحدة إلى فرنسا وبريطانيا والجامعة العربية عن موقفها، وهل من الممكن ألا يكون هناك من مكان للمسحييين في الشرق، وفي حال ذلك ماذا عن باقي المسيحيين في البلدان الأخرى التي يعملون على إعادة رسم خارطتها".
وشددت الأم أغنيس على أنه بات هناك خطر كبير على كل شخص، واصفة ما يجري بالجريمة ضد الإنسانية، ومؤكدة أن "علينا أن نقوم بأي نشاط أو عمل يساعد على مواجهة ما يجري، فنحن لا يمكن أن نجري مباحثات مع "داعش"، لكن يجب أن نتوجه إلى مجلس الأمن الدولي والقوى العظمى التي عليها الوقوف بوجه هذا التنظيم".
لرفع دعوى ضد كل من تخطى القوانين الدولية
وأشارت الأم أغنيس إلى أنها تطلق صرخة، وعلى كل الرؤساء الروحيين وكل شخص يريد أن يكون حكم القانون هو السائد أن يذهبوا إلى رفع دعوى أمام المحافل الدولية ضد كل من تخطى القوانين من خلال هذه الأعمال، وأضافت: "نحن نرى المشروع الذي كنا نسمع به منذ 30 عاماً يحصل الآن".
وأعربت الأم أغنيس عن أسفها "لعدم وجود وقفة جامعة لكل الشعوب التي تريد الحياة المشتركة بسلام، ولأن الكلام شيء والأفعال شي آخر بالنسبة إلى القوى العظمى، ولأن المسيحيين منقسمون على بعضهم وليس لديهم الرؤية الواضحة"، ورأت أن "من الواجب كان أن يكون لدى المسيحيين الحضور الفاعل بالمحافل الدولية لكي يساعدوا بعضهم البعض، لكن اليوم ندق ناقوس الخطر لإقامة جبهة إنسانية، بعيداً عن الصراع الطائفي أو المذهبي البغيض، ونوحد جهودنا وطاقتنا، خصوصاً أن المخطط يتقدم لقتل الحضارة الإنسانية".
ما حصل ليس ربيعاً عربياً
وشددت الأم أغنيس على أن "الخطر موجود وحقيقي ويطبق فعلاً على أرض الواقع"، لافتة إلى أننا "نرى ما يحصل في العراق مجدداً، وما حصل في سوريا قبل ذلك، والقوى الظلامية على ما يبدو كان لديها معلومات عن أماكن تواجد المسيحيين أكثر منا، واليوم هي أصبحت على حدود لبنان، وبالتالي على الجميع التنبه إلى هذا الأمر".
وأكدت الأم أغنيس أن "ما حصل ليس ربيعاً عربياً، والخطر وشيك والله يستر من الأسوأ"، وقالت: "لبنان مهدد وكلنا مهددون، والمطلوب من كل شخص أن يتحمل المسؤولية، تجاه نفسه وتجاه غيره، لكي نساعد بعضنا ونساعد المسؤولين لمواجهة ما يحصل"، لافتة إلى أنه "بالرغم من كل ما يحصل لا يزال لدينا فترة من الممكن أن نراجع أنفسنا فيها لكي يكون لنا رؤية موحدة ونبتعد عن التناقضات السياسية نحو إستراتيجية بقاء".