لم تتهم شبعا بأنها عرسال ثانية. ولكن، منذ اعتداء المسلحين على الجيش، تحاول بعض فعالياتها إبعاد الشبهة العرسالية عنها. كل هذا لأنها تحاذي الأراضي السورية وتستوعب النازحين، ويظنها البعض بيئة حاضنة لمعارضي النظام السوري. موقع شبعا الجغرافي وعدد النازحين الذين تؤويهم (خمسة آلاف) وتسلل بعضهم من المعابر غير الشرعية، سهّل إطلاق الشائعات حول تحركات مشبوهة لمسلحين واستنفار أمني.
لكن حواجز التفتيش التي نصبها الجيش عند مداخل شبعا، ليست وليدة الأمس. بعضها مثبت منذ اندلاع الأزمة السورية وبعضها الآخر استحدث الشهر الفائت بعد عمليات إطلاق صواريخ من المنطقة في اتجاه فلسطين المحتلة.
ابن شبعا العميد عبد الكريم هاشم، الذي تصدى بلوائه الثامن في الجيش للإرهابيين في عرسال، والضباط الخمسون والجنود الثلاثمئة في الجيش من أبنائها، ليسوا وحدهم من يمنع تكرار سيناريو عرسال فيها. يستعرض مسؤول «الجماعة الإسلامية» في شبعا ومسؤولها السياسي في العرقوب محمد الجرار عوامل أخرى تحصّنها من الإرهابيين من خارج الحدود. يشير إلى أن غالبية النازحين هم من بيت جن ومزرعة بيت جن التي يفصلها جبل الشيخ عن شبعا. بين أهالي البلدتين تاريخ طويل من التبادل التجاري والمصاهرة وتشارك في الحقول الزراعية في مزارع شبعا قبل احتلالها. فضلاً عن أن عشرات العائلات في بيت جن أصلها من شبعا التي كان أهلها يقصدون القنيطرة ومحيطها للتبضع والطبابة. مع ذلك، يقر الجرار بأن من بين النازحين، دخل جرحى من «الجيش الحر» وتلقوا العلاج في مستشفيات المنطقة. لكنهم «تحولوا إلى مدنيين ولكل منهم ملف لدى الجيش والأمن العام». ويجزم بأن هؤلاء «لا يشكلون خطراً لأن المتطرف لا يقيم في شبعا ولا يقاتل في المقلب الآخر لها»، نافياً وجود جماعات تابعة لـ «داعش» أو «جبهة النصرة» في الغوطة الغربية أو قرى جبل الشيخ في المقلب الآخر لشبعا، حيث ينتشر عناصر «الجيش الحر» والجيش السوري. ويقرّ بـ «أننا نتضامن مع عناصر الجيش الحر وهؤلاء ليسوا متطرفين».
لكن بلدية شبعا ليست مطمئنة. أصدرت قراراً بمنع تجول النازحين بدءاً من السابعة مساء. فيما توافقت مع الجيش والقوى الأمنية على مشاركة عناصر شرطتها في دوريات المراقبة وحفظ الأمن، لا سيما حول تجمعات النازحين. مصدر بلدي أوضح أنها «خطة احترازية»، نافياً «وجود مسلحين بين النازحين». وفي هذا الإطار، ذكّر بـ «صوابية قرار البلدية عندما رفضت مراراً طلب مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة إقامة مخيمات مستقلة للسوريين». ولم تكتف البلدية بذلك، بل دعت مع ابن البلدة النائب قاسم هاشم ومفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلة، إلى لقاء تضامني مع الجيش في مواجهة الإرهاب والتكفيريين. رئيس البلدية محمد صعب «دق ناقوس الخطر» كما قال، معلناً وضع خطة امنية لدرء الخطر عن شبعا. يشعر صعب بـ «أننا أصبحنا مهددين مثل عرسال»، مناشداً الجيش والقوى الأمنية أن تأخذ احتياطاتها وتكثف تواجدها في المنطقة «كي لا يحصل بنا ما حصل لغيرنا». أما دلة فقد اعتبر أن ما يجري إنذار، محذراً من «مصالح مشتركة تجمع بين بعض السوريين وبعض أبناء البلدة من تجارة غير مشروعة ومحرمة وتحديداً تجارة السلاح والممنوعات». ووجه نداءه الى السوريين «كي لا نتهجر نحن وإياهم من شبعا، عليهم الإلتزام بالقوانين». بدوره هاشم، حيا روح ابن البلدة النقيب داني خيرالله الذي استشهد في معركة عرسال، مشيراً إلى إجراءات ستتخذ من قبل الجيش والقوى الأمنية لمنع دخول السوريين وخروجهم عبر المعابر غير الشرعية.
في المقابل، جال وفد من «الجماعة الإسلامية» على ضباط الجيش والأجهزة الأمنية في المنطقة للتعزية بالشهداء والتضامن معه في معركته ضد التكفيريين واقتراح التنسيق معهم، لأن «داعش ومثيلاتها سيكفرون الجماعة والتيار السلفي في شبعا قبل غيرهم في حال دخلوها».