منذ أسبوعين، أعادت "القوات اللبنانية" ورقة "إعلان النيات" الى "التيار الوطني الحر"، والتي كانت مؤلفة من 17 بنداً، ثم أضيف اليها بند ثامن عشر. لكن أين أصبحت اليوم هذه النيات، وبالتالي الحوار بين الطرفين؟ وماذا تحقق منه؟
تؤكد مصادر معنية في الحوار ان المطلوب عند تقويم الحوار بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" ان نكون واقعيين ونبتعد عن التمنيات. فـ"اعلان النيات" ليس مجرد نوع من اتفاق على مبادئ عامة بل يتجاوزها الى محاولة الوصول الى اعلان سياسي يحصل للمرة الاولى في تاريخ الحزبين حول أمور شائكة حساسة على كل المستويات، اذ ان تغيرات كثيرة حصلت بدءاً بالعلاقة بين "التيار" و"القوات" منذ 30 عاماً الى اليوم، ولعل أبرزها الى الآن تغيّر سقف الخطاب السياسي بين الطرفين.
اما البند الثامن عشر الذي أضيف فيتعلق بالهوية والأرض، أي تملك الأجانب وموضوع منح الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، اضافة الى البنود الاخرى التي حكي عنها مراراً كالملفات السياسية من الطائف الى اليوم، منها ما هو ساخن كالملف الرئاسي وقانون الانتخاب واللامركزية الادارية، وملف اللاجئين السوريين، والعلاقة مع المحيط والعلاقة مع الغرب، والدور المسيحي، والملفات الامنية،... كلها ملفات بحثت بعناية وفي شكل مفصّل وعميق.
ووفق المصادر، ان الجديد في "اعلان النيات" انه أصبح في اطار الانجاز، اي انه تمّ التوصل الآن الى تحقيق جزء كبير منه، يبقى بعض الصياغات، وليست لفظية بل سياسية وجوهرية يلتقي الطرفان عليها، وخصوصاً ان هذا الحوار يفعّل العلاقة والتفاهم المبدئي، من وضع نظري الى وضع تنفيذي تطبيقي في المؤسسات الدستورية لتحقيق هذه الاهداف المشتركة بين الفريقين.
وفي معلومات لـ"النهار" ان التحضير للقاء عون - جعجع بدأ على خلفية المسارات المتعلقة بالمرحلة الاولى التي هي في طور الانجاز، أي "اعلان النيات"، والمرحلة الثانية التي هي في طور البدء، إذ ربما يقرّب اللقاء المسافات سياسياً بينهما، وبالتالي يصبح الكلام على الرئاسة أكثر جدوى وخصوصاً في المفهوم الواقعي الذي يتحدث عنه الطرفان، اذ أن الاقتراب من عون رئاسياً يمهّده له تقارب سياسي. علماً ان الموضوع غير مرتبط بتوقيت معين بل بنضوج الساحتين الداخلية والخارجية وبتحديد الالتزامات بين الطرفين والوصول الى قاعدة مشتركة بينهما يبنى عليها كي تثمر المبادرة. أما تجاوز هذه السقوف فيعني الدخول في المجهول وتعريض التيارين المسيحيين لأكثر من استهداف سياسي أو حتى أمني.
اذاً، يرى المعنيون في الحوار ان "اعلان النيات" يشكّل اتفاقاً سياسياً تاريخياً بين عون وجعحع. بمعنى آخر، هو أشبه باتفاق يؤسس لتقارب سياسي جدي بين حزبين متباعدين، كانت منطلقاتهما مختلفة تماماً، وكذلك العلاقات كانت تصادمية الى أبعد الحدود. كما انه أسّس لتكوين أجواء ومناخات عمل مشترك على أكثر من مستوى، النيابي والتشريعي والانمائي وحتى الطالبي، مما يبني حالة جديدة على المستوى المسيحي. وبغض النظر عن الامور التي تحتاج الى بعض الصياغات أو المسائل التي تضاف الى الاعلان، ثمة لقاء سيعقد هذا الاسبوع بين النائب ابرهيم كنعان وملحم رياشي مع العماد عون في الرابية، لتسليم موفد "القوات" ورقة "التيار" مع الاضافات والصياغات السياسية.