لم تكد وعود الرئيس سعد الحريري بقرب الفرج المالي تنتشر، بعد ما نشرته «الأخبار» أمس، حتى نفذ عدد من العمال في «سعودي أوجيه» اعتصاماً في مكان عملهم في مشروع إسكان الحرس الوطني السعودي الذي تنفذه الشركة في الرياض، احتجاجاً على التأخر في دفع رواتبهم وصرف بعضهم. الاعتصام لم يكن الأول، لكنه كان الأعنف بعد سلسلة وعود بانفراج الأزمة المالية التي تعاني منها الشركة منذ أشهر. فقد عمد بعضهم إلى تحطيم سيارات وزجاج عدد من المكاتب في المشروع. قبل يوم واحد، رفض العمال والموظفون تقاضي 500 ريـال سعودي لكل منهم ليتدبروا أمورهم، بعد أن تأخرت رواتبهم لأربعة أشهر.
ضاق ذرع أسرة «سعودي أوجيه». لا وعد يصدق من السعوديين للحريري، ولا وعد يصدق من الأخير لموظفيه. وحده الأقرب إلى الواقع، ما أنذر به المغرد السعودي الشهير «مجتهد»، في شباط الفائت، بأن الشركة «في طريقها الى الإغلاق».
لكن ضيق الحال، ليس الأسوأ. عدد كبير من الموظفين الصيداويين وغيرهم، في الشركة، باتوا محتجزين في مساكنهم التابعة للمشاريع، وغير قادرين على مغادرتها والتجوال خوفاً من إلقاء القبض عليهم لأنهم باتوا في حكم المخالفين بسبب عدم تجديد إقاماتهم وإقامات عائلاتهم. علماً بأن مسؤولية التجديد تقع على الشركة التي تكفلهم أمام وزارة العمل، إذ تشترط الوزارة لتجديد إقامة أي موظف أن يُحوّل راتبه بانتظام إلى حسابه المصرفي، وهو ما لا تقوم به «أوجيه». عدد من العائلات الصيداوية، أرسلت مبالغ مالية لأبنائها «المحتجزين» لينجزوا أوراقهم بأنفسهم ويعودوا إلى لبنان. علماً بأن عودتهم من دون قرار من الشركة سيحرمهم تعويضاتهم. واللافت أن معظم هؤلاء من فئة الموظفين والعمال ذوي الأجور المنخفضة.
في صيدا، يحكى عما بين 800 و900 شخص سيعودون من السعودية حتى نهاية العام الجاري، وهؤلاء سيشكلون عبئاً جديداً يضاف إلى الأعباء الحريرية المتراكمة الناجمة عن الأزمة المالية التي يعاني منها آل الحريري. بعض العائلات المنكوبة تشخص بأنظارها إلى الرئيس فؤاد السنيورة الذي يشيع مقربون منه في مسقط رأسه بأنه سيكون طوق نجاتهم من البطالة التي تنتظرهم.
وفي انتظار عودة المصروفين لاحتضانهم، يجد السنيورة ملاعب كثيرة لتسجيل أهداف في مرمى آل الحريري، ولا سيما «الست بهية» التي ينافسها على الزعامة الصيداوية. آخر الأهداف، إسهامه من خلف الكواليس في الحملة الشرسة على بلدية صيدا ومعمل معالجة النفايات المحسوبين على الحريري. في هذا الإطار، سُجلت يوم الخميس الفائت، زيارة للمعمل أجراها شريكه رجل الأعمال محمد زيدان الذي وجه انتقادات قاسية إلى نبيل زنتوت، المدير العام للشركة المالكة والمشغلة للمعمل، على خلفية سوء الإدارة ورمي النفايات كما هي في الحوض البحري المجاور من دون معالجة. علماً بأن زيدان لا يملك صفة رسمية تخوله «محاكمة» زنتوت. تؤكد مصادر مطلعة أن السنيورة أوعز إلى زيدان بتفقد المعمل الذي يطمح إلى انتقال تشغيله إلى شركة محسوبة عليه. بذلك يفرض نفوذه الكامل على الواجهة البحرية الجنوبية من تأهيل الزيرة إلى المرفأ التجاري إلى الحوض البحري الذي أمّن هبة سعودية (قيمتها 20 مليون دولار) لإنشائه.