الحقيقة الوحيدة الثابتة اليوم هي انّ المال قد فُقد من المصارف، ولكن كيف فُقد المال، يبقى غامضاً لأننا ببساطة لا نطبّق قانون الشفافية المطلقة.
وتتراشق الحكومة والمصارف والبنك المركزي الاتهامات في كيفية حصول ذلك، فيما يقف المواطن متفرجاً ولا يستطيع تحديد من المسؤول لأنّه ليس لدينا شفافية مطلقة.
فلو وُجدت الشفافية سابقاً لكنا تفادينا الأزمة اليوم، ولو طبّقنا الشفافية اليوم سنعرف من المسؤول عن فقدان المال ونستطيع المحاسبة، ولكن للأسف لا قدرة لدينا اليوم لتحديد اي موقف لأننا لا نملك المعطيات بسبب غياب الشفافية.
مما لا شك فيه انّ الكثيرين، بمن فيهم مصارف (هل كلها ؟)، حققوا ارباحاً غير سليمة، او ارباحاً نتيجة لقوانين مجحفة للشعب اللبناني مثلاً عبر تغيير مؤقت لبعض القوانين لفتح المجال امام :
1 - شراء املاك
2 - تغيير عامل الاستثمار للحصول على اراضٍ
3 - نقل ارث
4 - إعطاء حقوق تناط بالدولة لشركات خاصة
5 - هندسات مالية؟
6 - عقود وقوانين تكرّس احتكار مصالح خاصة.
كل ذلك يجب التعمّق به ويحق الطعن به مهما مرّ الزمن.
الواقع اليوم مأسوي، نحن على مشارف الجوع، المؤشرات كلها منهارة، والمطلوب حلّ جذري وليس مؤقتاً، يمدّد الأزمة، والأهم يجب السيطرة على الدين العام.
انّ الفوائد العالمية حالياً منخفضة جداً، ما هي الفوائد التي تُسجّل على ديننا العام؟ وهذه ايضاً لا نعرفها لأننا لا نطبّق الشفافية، وبالتالي لدينا خياران في هذه الحالة، ولكن قبل كل شيء تطبيق الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، لأنّ اعتماد اي حل من دون شفافية سيكون بمثابة انتحار والمزيد من الهدر والنهب:
- الخيار الاول، اذا كانت الفوائد منخفضة كما هو الحال في العالم، فيمكننا التريث للوصول الى حلول مستدامة.
- الخيار الثاني، اذا كانت الفوائد مرتفعة فعلينا ان نعرف لماذا، وفي حال كان هناك سبب مقنع (واستغرب ذلك) فيجب تسديد الدين العام بأسرع وقت ممكن لتجنّب تراكم الدين والفوائد واعتماد حلول جذرية.
في ما يلي بعض الحلول:
- تلزيم بعض المرافق العامة، كمرفأ بيروت والمطارات وغيرها، الى شركات متخصصة، وتحديد مداخيل للدولة منها .
- بيع بعض اراضي الدولة غير المستثمرة، على ان لا تُباع الّا للبنانيين، مقيمين او مغتربين كالتالي:
• بيع الاراضي التي ليس لها اي جدوى اقتصادية، فمثلاً اراضي سكك الحديد البحرية يجب بيعها، بغض النظر عن الدين العام، وذلك لتحسين وتطوير الشاطئ اللبناني والاستفادة منها اقتصادياً، وخصوصاً انّ إنشاء قطار جديد على الخط القديم نفسه غير ممكن تقنياً وبيئياً.
• الإبقاء على الاراضي التي ترى فيها الدولة فائدة اقتصادية، او التي يتمّ تخصيصها لمشاريع مستقبلية تنموية كالمواصلات وغيرها.
- منح حق استثمار للأراضي التي تمّ إشغالها من دون وجه حق وتحديد حق الدولة منها بسعر السوق اليوم وبعقود لا يكون فيها غبن للدولة.
- انّ تتوجّه عائدات كل ذلك نحو تسديد الدين العام حصراً وبشفافية مطلقة .
يجب التشديد هنا على انّ حلّ مشكلة الدين العام لا تعني التوقف عن محاسبة المسؤولين عن النهب والهدر اللذين اوصلا البلد الى الوضع الحالي المتأزّم .