بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي في الجنوب بعد مزاعم باتّهام عناصر لبنانية من حزب الله بإطلاق النار على سيارة في مستعمرة أفيفيم، والقيام بغارات حربيّة وتوغلات عسكرية، كان الجانب السوري الرسمي يتّهم عناصر لبنانية من حزب الله بالدخول إلى الأراضي السوريّة وقتل ثلاثة عناصر من الأمن السوري، وسحب جثثهم إلى الداخل اللبناني لتسليمهم إلى الجيش اللبناني الذي تواصل بدوره مع السوريين لتسليمهم الجثث، والرد على هذه العمليّة من خلال استهداف القرى اللبنانية في الهرمل ومحيطها.
هكذا، يُراد أن يُقال بأنّ ما يحدث كان وليدة الصدفة، علماً أنه لا مكان للصدف في كل ما يجري في المنطقة، وما بدأ بعد سقوط النظام في سوريا يُستكمل اليوم وسيُستكمل في المستقبل، فبحسب مصادر مطّلعة فإن الهدف الرئيسي النهائي لما يجري على الحدود الشمالية الشرقية هو إقفال الحدود بين لبنان وسوريا من خلال إما خلق منطقة عازلة بين البلدين تشبه المنطقة العازلة التي يخلقها الجيش الإسرائيلي في لبنان وسوريا وغزة، وإما نشر قوات دوليّة أو قوات اليونيفيل على الحدود بين لبنان وسوريا، لإقفال أيّ طريق أمام حزب الله.
هذا الهدف السياسي والعسكري لكل ما يجري من "حرب" سوريّة على اللبنانيين، ولكن المشكلة ستتخطى هذا الهدف الذي تسعى إليه الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، لأنّ في الحكم السوري اليوم من ينظر إلى اللبنانيين، أو على الأقل إلى فئات منهم على أنّهم أعداء لا مجرد جيران، وهنا مكمن الخطورة.
تُشير المصادر إلى أنّ متابعة كلام المسؤولين والمؤثرين في الداخل السوري حول أحداث الحدود تُظهر حجم الحقد بين فئات في الحكم السوري الجديد وفئات من اللبنانيين، وهو نتيجة الاحداث السوريّة التي انطلقت عام 2011، ونتيجة حقد طائفي ومذهبي عمره مئات السنوات، لذلك من كل حادثة تجري على الحدود سيكون هناك، في سوريا، من هو متعطش للحرب مع لبنان، تماماً كما حصل في الساحل السوري عندما انتظر هؤلاء الفرصة للإنقضاض والقتل والذبح بحق كل آخر مختلف عنهم.
هذه النوايا تظهر في كل مرة يحصل التصادم، فهل لبنان وسوريا بمصاف الأعداء لكي تُقرر وزارة الدفاع السوريّة قصف المناطق اللبنانية بالقذائف والصواريخ، وتقتل الأطفال كما حصل أمس، وتستهدف منازل اللبنانيين الآمنة، وتُهجّر أعدادا كبيرة من القرى الحدودية معها، وما هو دور الحكومة اللبنانيّة التي تقول أنّ التواصل قائم مع الحكومة السورية؟.
ما حصل على الحدود اللبنانية-السورية هو حدث مكرّر، وفي كل مرة تكون أسبابه المباشرة مختلفة، مرة من أجل مواجهة عصابات التهريب والمخدرات، وأخرى بعد اتهام الحزب بخطف عسكريين سوريين، علماً انه بحسب المصادر فإن لا مصلحة للحزب أصلاً بافتعال أي أزمة مع السوريين في الوقت الراهن، وترى المصادر ان هذه الأحداث ستتوالى، والمطلوب اليوم استمرار قيام الجيش اللبناني بمهمته حماية اللبنانيين، الذين عليهم واجب الوقوف خلفه بقرار الدفاع عن انفسهم متى أكّد نيته التصدي، والقيام بعمل سياسي ودبلوماسي لمعركة ما يُريده أحمد الشرع من الأحداث مع لبنان.