"خلي نعيم عباس يفوت". أوعز رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل إبراهيم إلى أحد العسكريين خلال عقد الجلسات أمس في قاعة المحكمة. حبست الأنفاس ترقباً لأول إفادة سيدلي بها "الإرهابي المقاوم" ، بعد عام وثلاثة أشهر من التوقيف. الموقوف في سجن الريحانية، طلب للشهادة في قضية انتماء اللبناني إيهاب الحلاق والسوري عبيد الله زعيتر إلى "جبهة النصرة" ونشاطهما في القلمون. دخل بحماسة يهرول نحو القوس، مرتدياً سترة رياضية.
البسمة لا تفارق الوجه الحليق الذقن. سرد بياناته بنفسه: "نعيم إسماعيل محمود الملقب بنعيم عباس". سأله إبراهيم عن علاقته بالقلمون. "ذهبت مرة واحدة للقاء أبو مالك التلي". ماذا كنت تفعل؟ "كنت أعمل بقضايا الإرهاب" يضحك. هدف الاجتماع كان "التنسيق في موضوع إرسال سيارات واستشهاديين.
دوري في لبنان أن أستقبلهم. أما وجهتهم فكانت مقارّ الحزب (حزب الله)". يقلب إبراهيم ملف "أبو إسماعيل" السميك. "احتجت وقتاً لأحفظ ملفك من انخراطك في فتح حتى كتائب عبد الله عزام والنصرة". يذكره إبراهيم بأنه "أهم خبير متفجرات ويرفض استقبال سيارة مفخخة ما لم يكن قد قام بتفخيخها بنفسه، وكان يعطي دروساً بالتفجير والتفخيخ". علق عباس بابتسامة "بحب أشتغل بإيدي". مع ذلك، "استقبلت سيارتين فخختا في القلمون". من السيارات التي كان عليه استقبالها، واحدة فجرت في النبي عثمان والثانية انفجرت في وادي حميد بسبب خطأ تقني والثالثة ضُبطت.
تحت قوس المحكمة، اكتشف زعيتر أن "أبو خالد" الذي ورد في اعترافاته أنه طلب منه نقل السيارة التي انفجرت في النبي عثمان من القلمون هو نفسه عباس (أبو إسماعيل). "هناك أكثر من أبو خالد وأكثر من أبو إسماعيل" بحسب عباس.
وهناك أيضاً "أبو خالد الإدلبي الذي عمل مشاكل في لبنان" قال الحلاق. لكن ميزة عباس أنه "أبو خالد المقدسي". انتهى مرور عباس أمام القوس. رفع يده وألقى التحية "السلام عليكم" بابتسامة وغادر. علماً بأن جلسة خاصة به كانت مقررة أمس لاستجوابه بالانتماء إلى تنظيم مسلح وحيازة مواد متفجرة تغيب عنها وكيله طارق شندب مجدداً، ما أدى إلى إرجائها إلى 18 كانون الأول المقبل.
زعيتر لفت في إفادة سابقة بأنه شاهد عباس في القلمون وصوّر بالفيديو مشاركة بلال كايد في إطلاق صواريخ باتجاه الهرمل واللبوة. "أبو عمر" (28 عاماً) أكد لقاءه بزعيتر، لكنه نفى إطلاق الصواريخ بنفسه، بل كان معنياً بالإشراف عليها وتجهيزها واستطلاع المنصة التي تطلق منها. "هاي شغلتي" قال كايد. درس الإلكترونيات ولديه خبرة في إطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه فلسطين المحتلة ضمن مجموعة عباس.
الشاهد الثالث في القضية كان حسام الصباغ. الحلاق كان قد أفاد بلقائه به في "مضافة" التلي في القلمون. "ذهبت بتكليف من هيئة علماء المسلمين حتى نحيّد شباب التبانة عن الأحداث السورية بعد أن أعلن كثير منهم مبايعتهم لأمراء ومجموعات. اجتمعنا مع 20 شخصاً وقادة مجموعات لا أعرف أسماءهم. وتحدثت مع الحلاق لكونه لبنانياً".
حصر الحلاق دوره في القلمون بتقديم الإغاثة. جاء من حيث يقيم في السويد (يحمل جنسية سويدية وحضرت موفدة من السفارة) إلى سوريا من طريق معبر باب الهوا التركي، محملاً بمساعدات. في عرسال كان يتسلم مواد الإغاثة من الشيخ مصطفى الحجيري (أبو طاقية) ويوزعها في القلمون بإشراف التلي. وفي إطار العمل "الإنساني" أيضاً، طلب منه "أبو خالد السوري عبر السكايب أن ينقل شخصاً سعودياً من الفندق الذي ينزل به في الحمرا إلى زحلة حيث سيقله شخص آخر إلى عرسال". لا يذكر اسم الفندق، لكنه يذكر أنه نقله بسيارة شقيقه وأن السعودي آت "للعمل في الإغاثة". الحلاق أشار إلى أنه عاد إلى لبنان بعد أن أصيب بصاروخ في القلمون حيث تزوج وأنجب طفلاً عمره خمسة أشهر.
أما زعيتر الذي تزوج ابنة الحلاق، فهو "أبو معن"، المسؤول الإعلامي للتلي. انتقل من صفوف "لواء الإسلام" إلى "النصرة" بعد أن سيطرت على القلمون. كان يملك حساباً على موقع تويتر، ينقل أخبار القلمون ويطلق التهديدات. صوّر بالفيديو عمليتي إعدام لسوريين اثنين في يبرود، وكُلف نقل انتحاريين داخل القلمون قبل دخولهم إلى لبنان وأوصل بنفسه السيارة التي انفجرت في النبي عثمان. "كل ما فعلته في سوريا. لم أقم بشيء في لبنان" قال زعيتر، لافتاً إلى أنه ترك "النصرة" وفك مبايعته للتلي عندما قرر الزواج والدخول إلى لبنان ومنه إلى الأردن حيث نزحت عائلته محاولاً السفر إلى السويد. أرجئت الجلسة إلى مطلع حزيران للمرافعة وإصدار الحكم.
لم تعقد الجلستان المرتبطتان بخطف الأستونيين وتفجير عبوة ناسفة قرب كنيسة سيدة النجاة في زحلة، بالرغم من حضور وائل عباس وقطع مذكرة توقيف بحق منير جلول الذي جهز العبوة. لكن غياب وكلاء متهمين آخرين عرقل عقدها. استاء عباس الذي لم يدل بإفادته بعد، بالرغم من سوقه مرات عدة. الجلستان أرجئتا إلى 10 تموز المقبل.