صحيح أن ​الجيش اللبناني​ أعد العدة وأتم كل التجهيزات وحتى وضع الخطط العسكرية اللازمة لشن حملة عسكرية لطرد تنظيم "داعش" الارهابي من ​جرود رأس بعلبك​ والقاع بعد الانتهاء من تنفيذ كل بنود الاتفاق الذي سيؤدي لاخراج ارهابيي "​جبهة النصرة​ من جرود ​عرسال​، الا ان القيادة العسكرية لا تزال تعوّل على مفاوضات، لم تنطلق فعليا بعد، ولن تكون طرفا فيها، تؤدي الى تسوية ما لانسحاب عناصر التنظيم المتطرف الى الداخل السوري. فملف العسكريين الـ9 المختطفين يُعقّد الأمور في ظل غياب اي مُعطى حول مصيرهم وما اذا كانوا لا يزالون داخل الأراضي اللبنانية او قد تم ترحيلهم الى الجهة السورية. ويبدو أن "داعش" يستخدم "الغموض" في هذا الملف سلاحا دفاعيا لعلمه بأن الطرف اللبناني سيعدّ للمئة قبل اطلاق معركته طالما أن مصير العسكريين لا يزال مجهولا تماما.

ويتخوف اهالي هؤلاء العسكريين من ان تنعكس اي مواجهات مقبلة سلبا على الملف، وان كانوا مقتنعين بأن سنوات الانتظار الطويلة شارفت على نهايتها. هم تنفسوا الصعداء مؤخرا بعد الاتفاق الذي عقده "​حزب الله​" مع "جبهة النصرة"، وعبروا عن ارتياحهم لعدم انضمام عناصر "داعش" للقتال مع الجبهة صفًّا واحدا ما كان سيؤدي بنظرهم أيضا لانعكاسات لا تُحمد عقباها على مصير أبنائهم.

وبعكس ما توقع البعض، فالجيش لن ينتظر الأول من آب ليعلن انطلاق المعركة بوجه "داعش"، باعتبار أنّه لا يزال ينتظر، وفق مصادر أمنية، اتمام كل بنود الصفقة بين "النصرة" و"حزب الله" وبعدها امكانية فتح التنظيم المتطرف اي خطوط تواصل مع وسطاء ليبني على الشيء مقتضاه. وتقول المصادر: "كل الاستعدادات اتخذت لاطلاق المعركة، الا ان الجيش لا يزال يترك المجال مفتوحا امام خطة "ب" وان كانت أسهمها تتراجع مع مرور الوقت ونتيجة التسريبات التي تقول بعدم حماسة "داعش" لاتمام تسوية وتفضيله خوض غمار المعركة".

ويبدو ان كل الوساطات والمفاوضات تصب في النهاية لدى مدير عام ​الامن العام​ ​اللواء عباس ابراهيم​ الذي لم يصدر عنه حتى الساعة ما يدل على فتح داعش اي قناة تواصل مع الجهة اللبنانية، لا بل بالعكس، فان عناصر التنظيم المتطرف، ووفق المصادر، كثفوا تحركاتهم في الفترة الماضية بالتزامن مع المعركة التي شنها حزب الله على مواقع "جبهة النصرة"، فيما تشير المعلومات الى استعدادهم لخوض معارك شرسة يعتمدون فيها ككل معاركهم على المفخخات والانتحاريين.

وبالرغم من تأكيد المصادر عدم استعجال الجيش للعملية العسكرية، "الا انّه في الوقت عينه يبدو حازما بمسألة تحرير ما تبقى من أراض محتلّة وبالتالي هو ليس بصدد مهلة مفتوحة". وتضيف المصادر: "لعل المسألة ستكون قد حُسمت اما باطار معركة او تسوية قبل نهاية شهر آب المقبل".

ويبقى مسار المعركة غير واضح تماما، بالرغم من تأكيد المصادر الامنية ان الحصار مطبق على التنظيم بعد انهاء وجود "النصرة" من جهة عرسال، وسياسة تحجيمه التي انتهجتها ​المؤسسة العسكرية​ في العامين الماضيين، تجعلان مسألة القضاء على "داعش" وطرده من الأراضي اللبنانية أسهل من اي وقت مضى.