لم يخرج خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله منذ يومين، عن السقف المرسوم للمواجهة مع السعودية، والتي فرضتها تحت حجة مواقف وتصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي الرافضة للحرب العبثية على اليمن وقبل توليه الوزارة بـ5 اسابيع.
ورغم ان السيد نصرالله ووفق اوساط واسعة الاطلاع في 8 آذار، خرج بخطاب تهدوي ومقفى وبنبرة، ولم يطلق اية مواقف تصعيدية او تؤشر الى مواجهة كبيرة في الداخل، الا انه ابقى على النزاع مفتوحاً مع الرياض، ومن ضمن انعدام الافق امامها في التصعيد، وان الخطوات التي ستتخذها ستكون على شكل افتراءات وتجن على الجالية اللبنانية في الخليج ومحاولة محاصرتها داخل بلدان تواجدها . وذلك عبر منع الزيارات العائلية والسياحية من لبنان الى السعودية والكويت حتى الآن وربما تتوسع المروحة لتشمل دبي والبحرين.
وتقول الاوساط ان خيارات التصعيد امام السعودي ضيقة وكذلك افق الحلول معه معدومة وابرز مثال ما حصل مع قطر حيث امتد الحصار السعودية لقطر ثلاثة اعوام ولينتهي بنزول السعودي عن "شجرة التصعيد" بضغط من الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب.
وتشير الى عدم وجود اي وساطة جديدة بين السعودية ولبنان بعد فشل واضح لمبادرة الجامعة العربية والاملاءات التي اتى بها حسام زكي ورفضت شكلاً ومضموناً.
وتلمح الاوساط الى ان الشروط السعودية لم تشمل فقط شروطاً على لبنان والحزب بل شملت الحوثيين في بيروت، والشروط هي إقالة وزير الاعلام جورج قرداحي واعتذار الحكومة في جلسة يوافق فيها حزب الله على الاقالة والاعتذار بينما ذهب رأي آخر الى جلسة حكومية يقال فيها قرداحي ويعتذر فيها مجلس الوزراء عن مواقف قرداحي ولو لم يحضر وزراء "الثنائي الشيعي".
وبالاضافة الى هذه الشروط، تطالب السعودية بإغلاق المحطات الفضائية، والتي تبث من لبنان للمعارضة الشيعية السعودية. كما تطالب بمنع اقامة الحوثيين وتوفير الملاذ بهم في لبنان وحرية عملهم السياسي والاعلامي وبث الفضائيات التابعة لهم من لبنان. وهذا ما يرفضه حزب الله على اعتبار انهم حلفاء ولهم الحق في التعبير الديمقراطي والسلمي عن آرائهم كما يقوم الاعلام المدفوع من السعودية والممول منها.
وتؤكد الاوساط ان المال السعودي بدأ يتدفق على لبنان، وانه يصب بكثرة في معراب وعلى رئيس حزب القوات سمير جعجع، بينما يحاول آخرون تقديم اوراق الاعتماد الى السعودية لتحصيل اموال انتخابية ولتحصين الجبهة الداخلية والشعبية والحزبية.
وتشير الى ان الحرب السعودية التي تخوضها على لبنان والسعودية ليست اعلامية وسياسية ودبلوماسية وانتخابية فقط ، بل يمكن ان يكون لها وجوه امنية او عبثية او تخريبية، لذلك دعا السيد نصرالله السعودية الى التراجع فوراً عن هذه الاجراءات لانها لن تؤدي الى نتيجة ولا اثمان يدفعها حزب الله او غيره لها.
في المقابل، برز في خطاب نصرالله خطاب هادىء داخلي وتناول فيه ازمة الحكومة والقضاء وملفات الطيونة وخلدة.
ولم يلحظ انه اطلق اي موقف عالي النبرة وذلك في اطار رغبته في التهدئة الداخلية وفصل الملفات عن بعضها وعدم الدخول في سجالات او محاور داخلية مع الخصوم وحتى من ضمن الصف الواحد.
وتكشف الاوساط ان الرغبة في التهدئة ومنع التوتير في الشارع او الانجرار الى تفجير امني من بوابة الازمة الاقتصادية او الحكومية، تتجلى في مروحة لقاءات يجريها حزب الله مع الحلفاء والتي تنعكس فيها رؤيته الهادئة للتعاطي مع الملفات وخصوصاً في الملف الاقتصادي والذي بلغ في الايام الماضية مستويات خطيرة مع انفلات سعر صرف الدولار وغلاء المحروقات عالميا وانعكاسها على مناحي الحياة كافة في لبنان.