أشارت صحيفة "الخليج" الإماراتيّة، إلى أنّ اعتراف الرّئيس الأميركي جو بايدن بأنّ أسلحة أميركيّة قتلت مدنيّين فلسطينيّين في العدوان الإسرائيلي على غزة، ربّما يكون أهمّ من قراره تعليق شحنة قنابل إلى تل أبيب، واعتزامه منع تزويدها بالأسلحة في حال شنّت هجومًا واسع النّطاق على رفح. فللمرّة الأولى، ولو متأخّرة، يأتي إقرار من سيّد البيت الأبيض بأنّ إسرائيل ارتكبت جرائم إبادة بأسلحة أميركيّة، وهو ما سيقود وجوبًا إلى الاعتراف بانتهاك القانون الدولي؛ وبمشاركة واشنطن في الحرب المروّعة على الشعب الفلسطيني.
وأوضحت أنّ موقف بايدن لم يأت مروءة أو إنسانيّة أو صحوة ضمير متأخّرة، بل استجابة لضغوط هائلة، ونتيجة لموجات الغضب والاحتجاجات الّتي تجتاح المجتمع الأميركي، وتمثّلت في استقالات عشرات المسؤولين والدّبلوماسيّين على مدى أشهر؛ والتّراجع الكبير لتأييد دعم إسرائيل لدى الرّأي العام وبين نوّاب الكونغرس".
ولفتت "الخليج" إلى أنّه "أمّا انتفاضة الجامعات الأميركيّة العريقة، فيبدو أنّ ضغطها بدأ يثمر ويغيّر في مواقف الإدارة الدّيمقراطيّة، الّتي باتت تريد إنهاء هذه الحرب والعمل على استعادة الهدوء، بعدما أيقنت أنّ المصالح الأميركيّة وصورتها، الّتي ظلّت تسوّقها لعقود كقوة ضامنة للاستقرار، قد تضرّرت وتهمّشت؛ وبات من الصّعب إعادة ترميمها وطرحها على المنطقة مرّة أخرى.
ورأت أنّ الولايات المتحدة وقعت في مأزق استراتيجي خطير، جرّاء دعمها لإسرائيل في هذه الحرب الإجراميّة على غزة. وللتكّفير عن ذلك، حاول بايدن أن يوجّه أقوى رسائله العلنيّة إلى تل أبيب، بعد أسابيع من التّوتّر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الّذي يزعم أنّه "سيقاتل بأظافره"، إذا حُجب عنه الدّعم الأميركي.
كما ذكرت أنّ مدير وكالة الاستخبارات الأميركيّة "سي آي إيه" أصبح مقيمًا بين القاهرة والدوحة، ضاغطًا بكلّ قواه للتّوصّل إلى هدنة طويلة الأمد تسمح بوقف إطلاق النّار والإفراج عن عشرات الرّهان الإسرائيليّين. وأسوأ ما يخشاه الرّئيس الأميركي في هذا التّوقيت، أن تنهار المفاوضات وتتهوّر إسرائيل باجتياح رفح المكتظّة بأغلبيّة سكان غزة النّازحين.
وأكّدت الصّحيفة أنّ المنطقة لم تعد لها القدرة على تحمّل المزيد من مشاهد القتل الجماعي للفلسطينيّين، الّذي سيقود، ما لم يتمّ وقفه، إلى تداعيات لا يمكن التنبّؤ بمداها وتأثيراتها. وهذا التّحذير ليس فنًّا من فنون البلاغة السّياسيّة، بل مؤشّر إلى منزلق خطير، لن يحقّق النّصر لإسرائيل ولن يحفظ المصالح الأميركيّة.