من المقرر، أن تعقد اللجنة الاستشارية لوكالة "الأونروا" اليوم الإثنين، لقاء في البحر الميت في الاردن، وعلى جدول أعمالها عدد من القضايا الرئيسية والمفصلية وأبرزها مناقشة تجديد التفويض للوكالة في ظل إستمرار الضغط الأميركي و"اسرائيل" لتقليص مدة ولايتها إلى سنة واحدة فقط بدلاً من ثلاثة أعوام، والتصويت على التمديد في الجمعية العامة مطلع الشهر القادم والذي سيشارك فيه 193 دولة، أوضاع الوكالة وخدماتها في مناطق عملياتها الخمسة، وما تبقى من العجز المالي لها لسنة 2019 والبالغ قيمته 89 مليون دولار، اضافة الى ميزانيتها لسنة 2020.
واقترح الكاتب المتخصص في الشؤون الفلسطينية علي هويدي عبر "النشرة"، على اللجنة الاستشارية إيلاء أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أهمية خاصة نظرا للأوضاع التي تمر بها البلاد وتأثيرها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للاجئين، في ظل ارتفاع الأسعار المتصاعد شبه اليومي للسلع الغذائية والأدوية والمحروقات، ومع ارتفاع نسبة بطالة اللاجئين، وأن يدفع اللقاء إلى اعتماد ميزانية طوارئ للأونروا في لبنان، تكون قادرة على توفير الاحتياجات الضرورية في ظل الاوضاع المعيشية الخانقة.
انعكاس الازمة
ويراقب أبناء المخيمات باهتمام وحذر شديدين، انعكاس الازمة السياسية والاقتصادية اللبنانية على واقعهم واوضاعهم المعيشية الصعبة أصلا، والتي تضاعفت كثيرا بعد دخول الحراك الاحتجاجي اللبناني شهره الثاني دون ان تلوح في الافق القريب "تسوية" سياسية تجنب البلاد المزيد من الانهيار، وسط موقف فلسطيني موحد وحازم، باعتماد سياسة "النأي بالنفس" عن التدخل بالشؤون الداخلية، وخصوصية حساسية الملف الفلسطيني لحماية الشعب الفلسطيني وصون قضيته الوطنية.
وتؤكد مصادر "اللجان الشعبية الفلسطينية" لـ"النشرة"، ان اوضاع اللاجئين تنحدر بسرعة نحو "الهاوية"، ونحن نتجه اليوم من "الصعوبة الخانقة" الى "المأساة" التي تنذر بـ"كارثة انسانية"، بعد عجز الكثير عن تأمين الحد الأدنى من مدخولهم وتوفير "قوت اليوم"، بسبب توقف العديد من العمال عن أعمالهم أو عدم قدرتهم الوصول إلى أماكنها نتيجة الاضرابات والأحداث الجارية في لبنان من ناحية، ومن ناحية أخرى لاعتبارات تتعلق بوكالة "الأونروا" وسياساتها التقليصية في الخدمات المقدّمة لهم، مما ساهم في زيادة نسبة البطالة والفقر داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية.
دراسة وأرقام
وأظهرت دراسة قامت بها "الأونروا" بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في المخيمات خلال العام 2015، أن عدد اللاجئين الإجمالي المسجل لدى (الأونروا) يصل الى 425 ألفاً، يعيش 62% منهم داخل المخيمات المنتشرة على الأراضي اللبنانية، التي يصل عددها الى 12 مخيما، ويعاني ثلثا هؤلاء، أي ما حجمه 160 ألف لاجئ فلسطيني من الفقر، فيما يعاني 7.9% منهم من الفقر المدقع، بمعنى أن مدخولهم اليومي يقل عن دولارين ونصف الدولار يوميا، وفق معطيات وكالة الغوث، فان ثلثي الشعب الفلسطيني في لبنان هم من الفقراء، أي ان سوق العمل شبه موصدة أمام قوّة العمل الفلسطينية. ولهذا ترتفع نسبة البطالة بين قوة العمل الفلسطينية بشكل كبير، الأمر الذي يزيد الأعباء وتفاقم المشاكل على الأسر الفلسطينية اللاجئة في لبنان، وغياب مصادر الرزق والعيش الكريم، ما دفع الجميع على وصف الوضع بأنه الاسوأ من بين لاجئي العالم.
ووفق الدراسة، فإن نسبة العاطلين عن العمل تبلغ ما يقارب 60% من مجموع التعداد السكاني للاجئين، في حين يصل حجم القوة العاملة الى حوالي 120 ألف شخص، يعمل منها 53 ألفاً فقط. وتبلغ نسبة النساء من بين الفئة التي تعمل 13%، مقابل 65% من الرجال. وأظهرت الدراسة أن 21% من اللاجئين الفلسطينيين العمال، يعملون في أشغال موسميّة، فيما يعمل 7% منهم فقط وفقاً لعقود عمل قانونيّة. وهناك 3% من اللاجئين يعملون في أكثر من مهنة، إلاّ أن السبب الأساسي لتردّي أوضاع فلسطينيي لبنان هو عزلهم بما لا يسمح لهم بالانخراط في الحياة المدنية في لبنان، بالإضافة إلى إقفال أسواق العمل في وجوههم، وحرمانهم من الضمان الصحّي وحق التملّك، على الرغم من أنّ العمال الفلسطينيين يقيمون في لبنان منذ فترة طويلة، إلا أنه يجري معاملتهم كأجانب، بموجب المرسوم الوزاري رقم 17561 الصادر عام 1964 على سبيل المثال.
الأونروا والمطلوب
وتؤكد "منظمة ثابت لحق العودة"، في تقرير، ان حدود معاناة الفلسطينيين لا تقف عند غياب فرص العمل. إذ بالإضافة إلى غياب أي دور لـ"الأونروا" على مستوى ملف العمالة الفلسطينية في لبنان أو لجهة تقديم المساعدات الإغاثية لجميع العائلات الفلسطينية بعد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين هو بسبب غياب فرص العمل وزيادة مستوى البطالة وارتفاع الأسعار، وتدهور العملة اللبنانية.
خلاصة القول، في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها لبنان، والتي تفرض على "الأونروا"، إطلاق "برنامج طوارئ لإغاثة اللاجئين واعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي للاجلهم بـ"الكارثي" في ظل انسداد أفق الحل أو إطالة عمر الأزمة اللبنانية.