أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لزيارة المملكة العربية السعودية تُقرأ وكأنّها إلى حدّ ما موجّهة ضدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، باعتبار أنّ الأخير قطب مسيحي ورئيس جمهورية قويّ، لافتاً إلى أنّ المملكة العربية السعودية خاصمته قبل وصوله وبعد وصوله إلى سُدّة الرئاسة، معتبراً أنّها خصومة مجانية فقط لأنّه في خط المقاومة والممانعة، مع أنّه يحاول أن يلعب دور حَكَم في مكانٍ ما.
وفي حديث إلى تلفزيون "الجديد" ضمن برنامج "الحدث" أدارته الإعلامية نانسي السبع، أشار أبو فاضل إلى أنّ السعوديين مستعدّون على ما يبدو لفعل أيّ شيء تطلبه منهم الإدارة الأميركية، ولفت إلى أنّ زيارة البطريرك الراعي إلى السعودية، في حال تمّت، هي سياسية بالتأكيد، وذكّر بزيارة الرئيس عون إلى السعودية سابقاً، معتبراً أنّ الاستقبال الذي حصل عليه لم يكن جيّداً أو بما يليق به.
بكركي تدور في الفلك الأميركي
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ بكركي تاريخيًا لم تكن يومًا ضدّ السعودية، وهي كانت منفتحة على المملكة العربية السعودية حتى في عزّ الحرب اللبنانية، وكذلك على دار الفتوى، ورأى أنّ بكركي تدور في الفلك الأميركي، وقال: "بطبيعة الحال، الرئيس ميشال عون ليس مرحَّبًا به في الفلك الأميركي، ورأينا كيف ردّ على الجميع في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو مقرّب من القيادة السورية ومقرّب من القيادة الإيرانية".
وأشار أبو فاضل إلى أنّ المحور الأميركي السعودي لم يعامل الرئيس ميشال عون بما يليق، وإنما الرئيس سعد الحريري هو الذي يتعامل مع الرئيس ميشال عون كرئيس دولة، ولفت إلى أنّ العلاقة بين الرئيس عون والأميركيين لا تزال في إطار التوضيح، معتبراً أنّ الأميركيين لا يريدون استيعاب علاقة الرئيس عون والمقاومة، مشدّداً على أنّ موقف الرئيس عون من المقاومة هو موقف مشرّف، وهو يشكّل ضمانة في هذا السياق.
لبنان ساحة خصبة للسعودية؟
وأوضح أبو فاضل، رداً على سؤال، أنّه يؤيّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولكنّه ليس ضمن الفريق السياسي المحيط به أو المقرّب منه، مشدّداً على أنّ دعمه للرئيس عون لا يزال كما هو، لافتاً إلى أنّه حتى حين كان قريباً جداً منه كان متحرّراً، وهو لا يلتزم إلا بقناعاته.
واعتبر أبو فاضل أنّ المملكة العربية بدأت تتدخل في الانتخابات العراقية عبر استدعاء مقتدى الصدر وأياد علاوي وعمار الحكيم وغيرهم، كما أنّ الرئيس حيدر العبادي زار المملكة العربية السعودية برفقة فالح الفياض، مشيراً إلى أنّ السعودية تتّجه أيضًا للتحرك في لبنان كما العراق بعد إخراجها من الساحة السورية إلى حدّ ما.
ورداً على سؤال، لاحظ أبو فاضل أنّ السعودية عادت إلى المنطقة بعد غياب وأفول لبعض الوقت، وهي تجمع الأوراق اليوم وتحضّر للانتخابات لأنّ الانتخابات المقبلة، إذا حصلت، ستكون مصيرية ومفصلية، مشدّداً في الوقت عينه على أن لبنان لن يكون ساحة خصبة بالنسبة للسعودية، ولذلك فإنّ دعوة البطريرك الراعي لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة دراسة.
عون رئيس قوي
ولاحظ أبو فاضل أنّ بيان المطارنة الموارنة الذي صدر هذا الأسبوع لم يذكر الرئيس ولم يذكر العهد، مشيراً إلى أنّه قد يكون هناك مصلحة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بذلك عشيّة زيارته المرتقبة إلى السعودية، ولفت إلى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون في المقابل يرفض المسّ ببكركي، وهذا توجّهه منذ أيام البطريرك السابق مار نصرالله بطرس صفير.
واعتبر أبو فاضل أنّ البطريرك رجل مسيّس في لبنان، وهذا يسري على البطريرك السابق صفير كما يسري على البطريرك الحاليّ، ورفض القول أنّ المحيطين بالرئيس يحاولون تقزيم موقع البطريرك الماروني، مشيراً إلى أنّه عندما يأتي رئيس قوي تضعف تلقائيًا المواقع الأخرى، وقال: "لا يمكننا أن نقول أنّ الرئيس ميشال عون ليس رئيساً قوياً، ولا يمكننا أن نتنكر لمبادئنا وثوابتنا".
وفيما اعتبر أبو فاضل أنّ المحيطين بالرئيس لديهم طموحاتهم، رافضاً ما يوحي به البعض وكأنّه متنسّك، جدّد رفضه لمقولة "بيّ الكلّ"، في إشارة لرئيس الجمهورية، معتبراً أنّه عماد الوطن وعماد الجمهورية وعماد الدولة، ولا يمكن أن يكون أباً للجميع.
البلد يسير برعاية أميركية
ورداً على سؤال، أكّد أبو فاضل أنّ وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان لن يقدم ولن يؤخر، فالقرار ليس في السعودية بل في الولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أنّ هذا البلد يسير برعاية أميركية، وحين تطلب أميركا تطيير الحكومة تطير.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ الأميركيين هم الذين يقلبون الطاولة، لكن منذ عشر سنوات وحتى الآن لا يوجد قرار بقلب الطاولة في لبنان، وهذا القرار أميركي وليس سعودياً ولا أوروبياً، وهو قرار يقضي بتجميد المشاكل في لبنان في الوقت الحالي.
المزاج الشعبي تغيّر
ورداً على سؤال، جدّد أبو فاضل القول أنّ احتمال إجراء الانتخابات النيابية في أيار 2018 موازٍ لاحتمال عدم إجرائها، مشيراً إلى أنّه لا يريد أن يستبق الأمور ويؤكد تطيير الانتخابات، ولكنّه رأى أنّ هناك مصلحة عند التيار الوطني الحر وعند تيار المستقبل بعدم إجراء الانتخابات إذا كانت ستؤدي لخسارتهما، وقال أنّه لا يدري إن كان التسجيل المسبق يمكن أن يكون سبباً لتطيير الانتخابات، لافتاً إلى أنّه يؤدي لمعرفة من ينوي التصويت مسبقاً وأين.
وفيما أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ المزاج الشعبي تغيّر، ويمكن الاتيان بوجوه جديدة بنتيجة الانتخابات، رأى أنّ قانون الانتخاب الجديد لا يخلق تيارات، وأشار إلى أنّ تحالف قوى السلطة فيما بينها يمكن أن يكون عائقاً أمام وصول نَفَس جديد، إذ يمكن أن يعيق حصول أيّ قوى أخرى على الحاصل الانتخابي الذي يمكن أن يؤهّلها للحصول على مقاعد في البرلمان.
وأقرّ أبو فاضل، رداً على سؤال آخر، أنّ الانتخابات البلدية فضحت الأحزاب، وهذا أمر معروف، واعتبر أنه لا يمكن أن نختصر لبنان بالأحزاب، مشيراً إلى أنّ هناك عائلات وشخصيات ينبغي أن تُمثَّل، إلا أنّ ذلك لا يمكن أن يحصل إذا لم تستطع تأمين الحاصل الانتخابي المطلوب بموجب القانون.
الرئيس عون ليس ساحراً
من جهة ثانية، اعتبر أبو فاضل أنّ اللقاء التلفزيوني الذي شارك به رئيس الجمهورية في ذكرى مرور سنة على انتخابه رئيسًا للجمهورية كان جيّدًا بنسبة 60 إلى 70 بالمئة، منتقدًا بعض محاوريه في المقابل، متسائلاً عمّن اختار هؤلاء.
ورداً على سؤال، شدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس ميشال عون هو رئيس الجمهورية بالفعل، ولكنّه ليس ساحرًا، ولا يستطيع أن يقلب البلد بين ليلةٍ وضُحاها، وأشار إلى أنّ الدولة منهوبة، والبلد مسلوب ومسروق، من دون أن ننسى أزمة اللاجئين والنازحين السوريين والفلسطينيين بما يفوق قدرة الدولة اللبنانية على الاستيعاب.
وفيما أكّد أبو فاضل أنّه ليس مع الخطاب العالي النبرة عن إصلاح النبرة، مشيراً إلى أنّه من يريد الإصلاح عليه أن يبدأ بنفسه، جزم أنّ هناك إنجازات تحققت في هذا العهد بقيادة الرئيس ميشال عون، وأبرزها قانون الانتخاب، والموازنة رغم كلّ التحفّظات عليها، لافتاً في الوقت عينه إلى أنّه كان ضدّ إقرار الموازنة من دون قطع الحساب.
اللواء إبراهيم فرض نفسه
وفي سياقٍ آخر، لفت أبو فاضل إلى أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم فرض نفسه كشخصية وحيدة تستطيع التنسيق بين لبنان وسوريا، مشيراً إلى أنّه استطاع بحنكته وعلاقاته الموسّعة أن يفرض نفسه كمنسّق ثابت ووحيد بين لبنان وسوريا، واصفاً إياه بأنّه لواء الأمن والأمان، مستغرباً كيف يريد البعض إنهاء أزمة اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى بلادهم من دون التنسيق مع الدولة السورية، متسائلاً عمّا إذا كان ذلك يمكن أن يحصل بالفاكس أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ورداً على سؤال، أوضح أبو فاضل أنّه لا بدّ من التواصل مع الدولة السورية، وهذه المسألة تحتاج إلى تنسيق كامل، وهو ما يفعله اللواء عباس إبراهيم، لافتاً في هذا السياق إلى الدور الذي لعبه على صعيد إطلاق عدد من السوريين الدروز في ريف حماة، وحصل على ثناء رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بنتيجة ذلك، مشيراً إلى أنّ هناك وزراء أيضًا يذهبون إلى سوريا في السرّ، وبينهم وزراء مسيحيون.
ما فعلته المقاومة يشرّف لبنان
ولفت أبو فاضل إلى أنّ تعيين قائد جيش جديد هو العماد جوزيف عون، المعروف بكفاءته ومناقبيته، هو أيضًا من الإنجازات التي حققتها العهد، إضافة إلى مجمل التعيينات الأمنية التي حصلت، وشملت اللواء عباس إبراهيم في الأمن العام، الذي وصفه بالضمانة، وكذلك اللواء طوني صليبا في جهاز أمن الدولة، ملاحظاً أنّ هذا الجهاز انطلق وبات له وجود ويأخذ حيّزه ومكانه في البلد، لكنّه اعتبر أنّ قوى الأمن كان يجب أن تكون موجودة في عرسال، وطرح علامات استفهام حول أدائه على أكثر من صعيد.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ معركة فجر الجرود هي أيضاً من الإنجازات التي تحققت في هذا العهد، لافتاً إلى أنّ ما فعلته المقاومة يشرف لبنان، مشدّداً على أنّ من ليس لديه مقاومة ليس لديه شيء على الاطلاق، مجدّداً القول بأنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هو زعيم المقاومة في لبنان والمنطقة.
الوضع بين التيار والقوات يتدهور
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ الوضع بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يتدهور باستمرار، لافتاً إلى المقابلة التي أطلق فيها الوزير جبران باسيل شعار "أوعا حالك"، مشيراً إلى أنّ ما قصده من ذلك أنّه يريد تحقيق مصلحته.
وأكد أبو فاضل أنّ العماد عون لا يريد شريكاً له في السلطة، في حين أنّ القوات كانت تعتبر نفسها شريكة له في السلطة، مشيراً إلى أنّ العماد عون يعتبر أنّه أعطى القوات حصّتهم، عندما منحهم حصّة وزارية وازنة تصل إلى أربعة وزراء مع الوزير ميشال فرعون.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ التيار يرى أن وزراء القوات وأمل والاشتراكي والمردة بالمرصاد لحركة الوزير جبران باسيل والوزير سيزار أبي خليل والوزير طارق الخطيب، مشيراً إلى أنّ هؤلاء يعارضون كلّ مشروع يُطرَح من جانب التيار الوطني الحر.
حزب الله لن ينسحب من الحكومة
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ أوضح شخص بين هؤلاء هو رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي قال أنّه يريد حصّته مثله مثل الآخرين، وفق قاعدة "عالسكين يا بطيخ"، متوجّهاً له بالتحية، لافتاً إلى أنّه صريح، خصوصاً أنّ غيره لا يقولها ولكنّه ينفّذها.
وأكد أبو فاضل، من جهة ثانية، أنّ وزراء حزب الله لن ينسحبوا من الحكومة، لأنّ حزب الله حزب كبير، مشيراً إلى أنّ حزب الله ليس بحاجة لتوضيحات من رئيس الحكومة سعد الحريري، وهو يعرف أنّ الساحة اللبنانية لن تكون ساحة رابحة للمملكة العربية السعودية، وهي لن تكون ساحة رابحة إلا لخطّ المقاومة والممانعة.
اتفاق عون والحريري يفيد البلد
وأكد أبو فاضل، في ختام الحلقة، أنّ هذا العهد أنجز، مشيراً إلى أنّ التشكيلات القضائية قد لا تكون كاملة مئة بالمئة، لكن هناك تشكيلات حصلت، لافتاً كذلك إلى التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو رجل دولة، وكذلك تعيين القاضي هنري خوري رئيساً لمجلس شورى الدولة اللبنانية، وهذا يُعَدّ إنجازاً بعد التباطؤ الحاصل، إضافة إلى التشكيلات الدبلوماسية، وبات لدينا سفير في سوريا اليوم.
وإذ أشار إلى أنّ الرئيس سعد الحريري قام بواجباته حين وقّع على مرسوم تعيين سفير لبناني جديد في سوريا، أشاد به في المقابل لجهة حرصه على البلد والتخفيف من الضغوطات لتفادي أي مشكلة، معتبراً أنّ اتفاقه مع الرئيس ميشال عون هو اتفاق جيد، يفيد البلد ولا يضرّ.