عاد مشروع "الكابيتال كونترول" ليسير على السكّة من جديد، بعد أن فشلت الحكومة قبل حصول الانتخابات النّيابية بتمرير مشروعها الذي يحمي المصارف ويعطيها المشروعيّة على حساب المودعين. في كل دول العالم، فور حصول الازمات وقبل بدء تحويل الأموال إلى خارج البلاد ينعقد مجلس النواب ويقرّ قانون "الكابيتال كونترول" لمنع إخراجها... إلا في لبنان، خرجت الأموال ولا يزال مجلس النواب يتلكّأ ويماطل عبر الدعوة إلى جلسات وجلسات لمناقشة "الكابيتال كونترول"، أقل ما يقال فيه اليوم أنّه لحماية المصارف لأنّ أغلب الأموال أو الكتلة النقدية الضخمة خرجت من البلاد!.
دون أدنى شكّ، ما يزعج البنوك اليوم ليس في لبنان بل بالخارج أيضاً، خصوصاً أن الدعاوى التي ترفع خارج البلد من أشخاص وضعوا أموالهم في المصارف اللبنانية بدأت تكثُر، وفي غالبية الأحيان يفوزون بها، وتفرض المحكمة على المصرف إعادة الوديعة بعملتها أي بالدولار... اليوم تبحث المصارف عن براءة ذمّة عن كلّ ما ارتكبته في الفترة السابقة، وتبحث في نفس الوقت عن حماية لها من الدعاوى التي ستواجهها في المحاكم الاجنبيّة.
حالياً تسعى الحكومة، التي لا تجتمع، ومعها النواب إلى تمرير "الكابيتال كونترول" خلسة، لأنّها فقط بهذه الطريقة تستطيع "تلغيمه" ببنود تحمي البنوك على حساب أموال الفقراء والمودعين، وإلا لماذا هذا "القتال" لحماية أموال أصلاً خرجت من البلاد ولم يتبقَّ الا القلّة القليلة؟ ماذا يعني أن يتضمّن "الكابيتال كونترول" مادة كالمادة 12 التي تمنح المصارف براءة ذمّة أو "عفو عام" تجاه الدعاوى التي قد تواجهها في لبنان والخارج؟.
في هذا الإطار، يؤكد المتخصص في الرقابة القضائية على المصارف المحامي الدكتور باسكال ضاهر، عبر "النشرة"، أنّ "النص لم يتضمّن تفعيل النصوص القانونيّة المرعية الإجراء، لناحية تقرير "إلزاميّة وجوب ردّ المال" الذي جرى تهريبه، من هنا فانّ النص الراهن يرمي إلى تشريع المخالفات التي ارتُكبت بحق المودعين".
الأخطر من هذا كلّه، بحسب ما يؤكد الدكتور ضاهر، أن "نص الكابيتال كونترول شرّع تسديد الودائع بالليرة اللبنانيّة وهذا الأمر يؤدّي إلى هتك حقوق المودعين"، لافتاً أيضاً إلى أنّ "هذه النسخة منعت الودائع عن أصحابها والزمت بالمقابل تسديد القروض إلى المصارف على سعر منصة صيرفة".
من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي ميشال فياض، عبر "النشرة"، تعليقا على قانون الكابيتال كونترول إلى أنه "بدون قانون إعادة هيكلة البنوك وخفض الواردات، وتعديل قانون السرّية المصرفية، وتوحيد معدّلات التحويل والرقابة القضائيّة، وهي الأولويات الحقيقية لصندوق النقد الدولي، كذلك قانون تنظيم عمليات السحب وما يسمى بـ"مراقبة رأس المال"، فإن كل الاقتراحات المقدّمة للتصويت عليها في مجلس النواب، هي قانون عفو عام مقنّع لصالح مصرف لبنان والمصارف"، مشدّداً على أنّه "وفي حال إقراره، فسيؤدّي هذا القانون الخاص بالرقابة على رأس المال إلى تدمير الاقتصاد اللبناني وسيعزّز الاقتصاد السرّي الذي يفيد المتاجرين بالبشر".
في المحصّلة، عادت "المعركة" حول تشريع مخالفات البنوك ومصرف لبنان إلى الواجهة، وهذه المرّة عبر قانون "الكابيتال كونترول"، الذي "لغّمَتْه" الحكومة بعدّة بنود أولها المادة 12، وتريد تمريره في اللجان المشتركة، تمهيداً لاقراره كما هو، وحماية البنوك من الدعاوى التي ستُرفع ضدّها أو يمكن أن تُرفع ضدّها في لبنان والخارج، والقضاء على أيّ أمل للمودعين باستعادة أموالهم الّـي جنوها بعرق جبينهم ويحاول المسؤولون في الدولة السطو عليها وبقانون أقل ما يُقال فيه أنّه قانون حماية السارق!.